Saturday, November 1, 2008

فيلم "زي النهارده": قرصنة مصرية لأفلام أمريكية
sorce: Arabia.net
دبي - حكم البابا
يخصص تقرير "العربية.نت" السينمائي مادته الرئيسة هذا الأسبوع للفيلم المصري "زي النهارده" من بطولة بسمة وأحمد الفيشاوي وآسر ياسين وأروى جودة، وسيناريو ومونتاج وإخراج عمرو سلامة الذي يقدم في أول تجاربه الكتابية والإخراجية الطويلة قرصنة واضحة لأفلام أمريكية، سواء في الموضوع أم الأجواء أم حتى الأسلوب الإخراجي.

فيش وتشبيه لـ"زي النهارده"
مهما حاولت أن أجامل المخرج الشاب عمرو سلامة لكونه مختلفًا عن جيل المخرجين الذين يعملون اليوم في سوق الإنتاج السينمائي المصري، باعتباره مخرجًا لديه ما يشبه الهاجس السينمائي ويسيطر على أدواته التقنية ويضبط إيقاع وعمل ممثليه، إلاّ أن فيلمه الروائي الطويل الأول "زي النهارده" لا يعطيني أسبابًا تمكنني من الدفاع عنه، فأول ما يفتقده الفيلم هو البصمة الخاصة لمخرجه أو على الأقل ظهور ملامحها في تجربته الأولى، وكان همي الوحيد طوال زمن عرض "زي النهارده" البحث في ذاكرتي عن اسم الفيلم أو الأفلام الأمريكية التي سبق لي مشاهدتها، والتي يذكرني فيلم عمرو سلامة أجواءً وموضوعًا بها، إلى أن عثرت في ذاكرتي على أقرب الأفلام إلى أجواء "زي النهاده" وهو فيلم "هاجس Premonition"، وليس صدفة أن تكون بطلة الفيلمين امرأة، وتحل الممثلة المصرية بسمة في "زي النهارده" بدلاً من ساندرا بولاك في "هاجس"، وليس صدفة يموت زوج بولاك وخطيب بسمة في الفيلمين بحادثي سير، كما أنه صدفةً أن العملين ينتميان إلى الدراما النفسية.ورغم الاختلاف بين الأحداث والبنية الدرامية الغامضة والمعقدة، التي يتشابك فيها الوهم بالحقيقية بالرغبة في فيلم "هاجس"، وبين تبسيط فكرة القدرية التي تصل إلى حدود العامية، من خلال اعتماده على الهواجس والأفكار العابرة وتأويل بعض المصادفات الصغيرة، والتعامل معها كسلوك طبيعي لا باعتبارها حالة من الاهتزاز النفسي في فيلم عمرو سلامة والذي يدّل على مستوى خطير من السذاجة الثقافية، رغم هذه الفروقات والاختلافات، فإن فيلم "زي النهاردة" يذكر مشاهده وبإلحاح بـ"هاجس" ساندرا بولاك.لكن هذا التشابه في الأحداث بين فيلم عمرو سلامة وبعض أفلام الدراما النفسية الأمريكية وأحدها "هاجس"، ليس العنصر الوحيد الذي يدفع مشاهده لقضاء مدة عرض الفيلم في محاولة لاستعادة مخزون ذاكرته من الأفلام التي رآها بحثًا عن مرجعية "زي النهاردة" الحقيقية، فشخصيات الفيلم الأساسية ومنابتهم الاجتماعية وظروفهم الاقتصادية، وطبيعة علاقاتهم ببعضهم البعض، وأسلوب حياتهم ومهنهم، والبيئة التي يتحركون فيها، وحتى الأسلوب الذي جسّد فيه ممثلو الفيلم شخصياتهم، كلّها غريبة عن المجتمع المصري الذي تدور فيه أحداث الفيلم، وتكاد تكون أقرب لمجتمع بعلاقات وطريقة حياة غربية منها إلى أي مجتمع شرقي، وربما تكون هذه البنية النفسية والاجتماعية لشخصيات الفيلم السبب الرئيس الذي يجعل مشاهده يشعر بأنه أمام عمل غريب عنه و"مقرصن" عن أفلام أخرى.قصة "زي النهارده" تقدم هواجس الفتاة مي (تجسدها الممثلة بسمه بتلقائية وانفعال مدروسين) التي تخاف من موت خطيبها ياسر (يؤديه أحمد الفيشاوي بتصنّع) بالطريقة التي مات بها خطيبها الأول، بسبب مصادفات تشابه الأحداث وتكرار التواريخ التي تكاد تكون متطابقة، في حالتي الخطيب الأول الذي توفي بسبب أخيها محمد المدمن على المخدرات (يقدّم من خلاله آسر ياسين صورة مألوفة وتقليدية لمدمن المخدرات في الغرب ومختلفة عن المدمن المصري المألوفة)، والخطيب الثاني كما لو أن التاريخ يعيد نفسه، وعلى خط مواز يقدم الفيلم صورة نمطية للأخ المدمن الذي يعتمد في طريقة عيشه على ابتزاز أمه للحصول على المال، وتهديد أخته وضربها وتكسير الأثاث."زي النهار ده" فيلم سيء لمخرج متمكن من أدواته لا تعوزه الحرفة، وما ينقصه هو الثقافة والخصوصية.