Saturday, September 1, 2007

مطب صناعى : كوميديا لايت

تقرير العربية.نت السينمائي الأسبوعي
1/9/2007

دبي – العربية نت
يخصص تقرير العربية.نت السينمائي مادته الرئيسية للفيلم المصري (مطب صناعي) الذي بدأ عرضه هذا الأسبوع في صالات السينما العربية بعد مرور عدة أشهر على عرضه في الصالات المصرية، وفيه يعيد بطله أحمد حلمي تكرار الموضوع الأثير لدى موجة الكوميديا الشبابية المصرية، للشاب العازب والعاطل عن العمل والأفّاق نوعاً ما، الذي يتحول عبر كم كبير من المصادفات السعيدة التي لاتحدث إلاّ في هذا النوع من الأفلام، إلى ثري ومحبوب ومستقيم، لتصبح الفرجة السينمائية نوعاً من التعويض المؤقت عن حالة الاحباط التي يعيشها الشباب في الواقع، يدغدغ عواطف المشاهد ويمنحه أملاً كاذباً، بالاضافة لرشوته بعدد من النكات والافيهات، تسليه وتمنعه من التفكير في مدى معقولية الحدث الذي يشاهده أو -الأصح- لامعقوليته.

حلمي في "مطب صناعي" فعلاً
إذا كانت كوميديا محمد سعد تتوجه للمصابين بالشلل الدماغي الذين ينبهرون بالحركات المبالغ بها، وكوميديا محمد هنيدي تتوجه لذوي الاحتياجات الخاصة الذين يشعرون بالفرحة لرؤيتهم بأن العيوب الخلقية يمكن استخدامها كمصدر للثروة، فإن كوميديا أحمد حلمي تنتمي لأنواع الدايت واللايت الخالية من الدسم والمنخفضة السعيرات الحرارية، وتتوجه لجمهور من المصابين بأمراض ضغط الدم ونقص التروية والسكر، لأنها لاتثير لديهم أية انفعالات، ويتابعها المشاهد وكأنه يستمع إلى قصة لاتعنيه مباشرة، ولكنه في نفس الوقت لايستاء من سماعها.وفيلم (مطب صناعي) يكاد يصلح نموذجاً للعمل الفني الذي تشاهده كما لو أنك تذهب لتأمل الهواء الذي لالون له ولاطعم ولارائحة، وتخرج منه بدون انطباع أو رأي أو فكرة، ومشكلة أحمد حلمي كممثل كوميدي أنه يتعامل مع الفيلم السينمائي بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع جلسة استظراف تجمعه بمجموعة أصدقاء يلقي خلالها بعض النكات، ويقوم ببعض الحركات التي تضحك من حوله، ثم يذهب إلى بيته راضياً عن الأداء الحركي والصوتي الذي قدمه وحصد عليه بعض الاضحاك البسيط.مايقوله فيلم (مطب صناعي) على مستوى الفكرة بسيط جداً، وهو أنه عليك ألاّ تفقد الأمل بحدوث مصادفة تتلوها مصادفة أخرى ثم ثالثة فتتحول من شاب معدم فقير إلى ثري صاحب مشروع، فيكفي أي شاب من أؤلئك الذين يشعرون بانسداد الأفق وفقدان الأمل وانعدام فرص العمل أن يسكن قرب فيلا أحد الأثرياء، ويجلس قرب النافذة منتظراً سقوط ابنة الثري الصغرى التي لاتعرف السباحة في مسبح بيتها، ليقفز من بيته مسارعاً إلى انقاذها قبل غرقها بلحظة، وعندها ستفتح أمامه أبواب الثروة، ويستقبله والدها كمنقذ لابنته ويقربه منه، ولأن محاسن الصدف لاتتوقف فقط عند الثروة بل يجب أن تمتد إلى السعادة، فسيتعرف الشاب المحظوظ على سكرتيرة الثري ويخفق قلبه حباً لها من النظرة الأولى، وهكذا يبدأ شق دربه في الحياة مسلحاً ببعض النكات التي يحفظها وبعدة حركات من تلك التي لو قام بها أي فتى أمام والده لنال علقة ساخنة عليها في شرقنا، ولحدد له موعد عاجل في عيادة طبيب نفسي في الغرب.بهذه الخطة المبتكرة التي عجز عن التوصل إليها كل وزراء العمل والشؤون الاجتماعية العرب -منذ إنشاء هذه الوزارات وحتى اليوم- لحل مشاكل البطالة المتفاقمة لدى الشباب في العالم العربي، يمنح أحمد حلمي ممثلاً وإلى جانبه طارق الأمير مؤلفاً ووائل إحسان مخرجاً أملاً كاذباً ويبيعون وهماً مزيفاً لمشكلة جدية بحجة الكوميديا الغائبة فعلاً في الفيلم، إلاّ إذا كان مفهومهم للكوميديا محصوراً في إلقاء نكته أو قول إيفيه أو افتعال حركة، من دون أن أقلل من بعض الحوارات الطريفة والمضحكة فعلاً في الفيلم، ولكنها في النهاية لاتصنع فيلماً سينمائياً كوميدياً، ولايحتاج المشاهد إلى شراء تذكرة ودخول السينما لسماعها، لأنها متوفرة في أي شارع من شوارع مصر مجاناً، في أي حوار يجري بين مواطنين من بلد اشتهر أهله بالظرف والطرافة في مواجهة مشاق الحياة.من العبث مناقشة فيلم (مطب صناعي) باعتباره فيلماً يتطلب قراءة نقدية، فحكايته سيعترض عليها أكثر الأطفال بساطة فيما لو روتها له أمه قبل النوم، التي ستجد ألف سؤال محرج يوجه إليها ويطعن في أحداثها وتفاصيلها، وأداؤه التمثيلي ينتمي إلى مدرسة جلسات الأنس والفرفشة التي يتم فيها تعاطي البانجو، أما صورته فلا تقرأ إلاّ على أنها تنفيذ حرفي لسيناريو لايساوي ثمن الورق الذي كتب عليه، ولكن ورغم ذلك فإن (مطب صناعي) يتميز عن أعمال المحمدين: هنيدي وسعد، بكونه يصلح عائلياً لتمضية ساعتين من الوقت الفارغ، بدون أن يترك آثاراً نفسية سيئة لدى مشاهديه، تحتاج لجلسات في إعادة التوازن كما تفعل أعمال هنيدي وسعد
.

No comments: