Wednesday, April 11, 2007


فيلم التوربيني .. موضوع قوي.. و سيناريو ضعيف
11/04/2007
المصدر: المصرى اليوم
في السينما عامة والمصرية خاصة، لا يوجد سبب محدد للاقتباس أو إعادة الإنتاج أو حتي السرقة، ولكن تظل طزاجة المعالجة هي المحك الأكبر والقمة التي من الممكن أن تتحول إلي حافة يسقط من فوقها صناع النسخ المقتبسة، وبالنسبة للتوربيني فإن اقتباس «رجل المطر» لم يرفعه لأي قمة ولم يسقطه أيضاً من فوق الحافة،
ولكنه علقه بشكل معذب في منطقة رمادية تحوي أصداء قوية من روعة الفيلم الأصلي وأشباح ضعيفة من الانفعال في النسخة المصرية، ربما كان سببها البساطة الشديدة في السيناريو والإخراج اللذين هبطا بالإيقاع في كثير من المشاهد، كذلك الهدوء الانفعالي الذي وصل للصمت غير الفني في مشاهد أخري «وليس الحوار هو المقصود، وإنما التفاصيل الرتيبة ذات الوقع الهش علي وجدان المتفرج»،
هناك بالفعل جهد مبذول فتحويل الدراما الأصلية للفيلم بجعل الأخ المادي السيئ «أو التوربيني الذي يدهس أي شيء في طريقه» هو الأخ الأكبر وليس الأصغر غير بعضاً من ملامح الأحداث بسبب حالة التعاطف مع الصغير المتوحد ووجود سلطة الأخ الأكبر بكل ما تعنيه في مجتمعنا، ولكن هذه الصفات تبدو شاحبة لأن فكرة وجود شخص متوحد ينظر له علي أنه متخلف عقلياً، تجعله في موقف التابع والصغير طوال الوقت،
حتي لو كان في أرذل العمر، وهو ما جاء واضحاً في الفيلم الأصلي فتبديل الوضع السني لم يشكل فرقاً كبيراً في صناعة انفعال حقيقي، وإنما أظهر بعض الشفقة ومنح صناع الفيلم فرصة جيدة لصناعة أحداث مثل رغبة محسن المتوحد في الحصول علي البكالوريوس بحكم صغر سنه النسبي «٣٠ سنة»، وقد أضعف السيناريو من قوة الشخصية المتوحدة وطبيعة مشاعرها وتفكيرها عندما جعلها تتحدث كثيراً وتدخل في نقاشات وجذب وشد مع الأخ السيئ،
وهو خروج غير موفق عن خط النسخة الأصلية التي حافظت علي العالم الذهني للشخصية بقليل من الكلام وثبات ملامحي وجسدي ونبرة صوت مكتومة، ومغايرة تنسيك صوت الممثل الأصلي وتمنحك صوت الشخصية، لكن هنا سمعنا صوت أحمد رزق العادي وليس صوت محسن، ورأينا الكثير من حركات رزق الطريفة التي نعرفها وليس حركات محسن، وهو ليس عيباً في الأداء بقدر ما هو ضعف في صياغة الشخصية وتخطيط حركتها،
وفي المقابل حافظ السيناريو علي الطبيعة العصبية لشخصية الأخ المادي التي اقترنت في الأصل بولعه بالمال والأشياء وليس بالمشاعر والأحاسيس، مثل التعلق الشديد بسيارته، وهي موتيفه مشتركة في الفيلمين، وقد قدم شريف منير أداء ناضجاً جداً وانفعالات منضبطة ومركزة، ودقيقة، وقدمت هند صبري دوراً حقيقياً «الطبيبة المسؤولة عن حالة محسن»،
مرسوماً بشكل واضح جعل منها كياناً فعلياً في السياق الدرامي وليس مجرد تواجد أنثوي أو خط عاطفي مقحم، وإن كان تطور العلاقة بين شخصياتهم جاء علي عجالة وبغير تفصيل محكم حتي ولو مختصر وإنما بدا كنوع من التقارب الشعوري الناجم عن ظرف طارئ وليس مشاعر أصيلة، خاصة مع كل الاختلافات في طبيعة شخصياتهم، والتي كان من المفترض أن تأخذ وقتاً أطول كي نقتنع باندماجهم، وبالتالي يصبح الصدام الذي حدث بينهم نتيجة النزاع علي بيع الأرض «الميراث» محور الأحداث، أقوي وأعنف،
ولكن رغم ذلك جاءت مشاهد المحاكمة في قضية الوصاية التي رفعها الأخ الأكبر أنضج جزء في الفيلم تمثيلاً وكتابة وإخراجاً، حيث الصدام بين العالمين «المادي الشرير والشعوري الطيب»، وربما كانت موسيقي تامر كروان أكثر العناصر التي أفلتت من المقارنة، حيث قدم روحاً لحنية بدت نابعة من الأطياف التي تهوم في ذهن شخص متوحد ومن طبيعة مأساة القصة «شخص خارج سياق العالم يصبح محل نزاع مادي بغيض»،
فالموسيقي جاءت تكميلية للأحداث والانفعالات وليست تعبيرية عنها علي عكس المونتاج الذي بدا في أحيان كثيرة عادياً ومتوقعاً، كأنه يتم بآلية وليس بإحساس،
ولكن أحمد مدحت في تجربته الأولي لم يهتم بالمونتاج فقط، وإنما كذلك بتقديم نفسه كمخرج ذي رؤية مختلفة أو قوية، إنه مجرد مخرج آخر يعرف كيف يتعامل مع العناصر التقنية ولا يوظفها بشكل ملفت رغم أن موضوع فيلمه قوي شعورياً ويحوي عشرات التفاصيل الداخلية المُلهمة بعيداً عن الكادرات والزوايا الإدارية المعتادة حتي ولو صورت في باريس من فوق برج إيفل.
سيناريو: محمد حفظي وأحمد العايديعن فيلم: رجل المطرإخراج: أحمد مدحتبطولة: شريف منير - أحمد رزق - هند صبريإنتاج: الماسة «هشام عبدالخالق»مدة الفيلم: ١٠٠ دقيقة
م

No comments: