Saturday, April 12, 2008


في شقة مصر الجديدة" لمحمد خان: فيلم ذهني عن فكرة الحب "
تقرير العربية نت الاسبوعى
12/4/2008

دبي – حكم البابا
يخصص تقرير "العربية. نت" السينمائي مادته الرئيسية هذا الأسبوع لآخر أفلام المخرج محمد خان "في شقة مصر الجديدة" الذي يقدم تجسيداً تمثيلياً لأفكار مجردة عن الحب، ومن خلال قصة تعتمد على التركيب والتصنيع وتفتقر إلى الإقناع والواقعية، يقود المخرج مشاهده في رحلة مع مدرسة موسيقا شابة تصل إلى القاهرة باحثة عن الحب من خلال بحثها عن مدرستها السابقة التي ساهمت في زرع بذرته في قلبها.

في شقة مصر الجديدة: ما بقي في ذهن محمد خان أكثر مما ظهر على الشاشة
أهم ما يؤكده فيلم "في شقة مصر الجديدة" كما كل أفلام محمد خان هو أنك كمشاهد لا تستطيع أن تحزر أو تتنبأ بموضوع فيلم محمد خان التالي، فرغم أن هناك ملامح عامة تجمع بعض أعمال خان، إلاّ أنك تتساءل عما يجمع عملاً مثل فيلم "الحريف" وآخر مثل فيلم "أيام السادات" بمخرج فيلم "زوجة رجل مهم" الذي يعتبر أحد أرقى الأفلام التي قدمتها السينما المصرية في ثمانينات القرن الماضي، ومثل هذه الملاحظة التي قد يعتبرها البعض طعناً في أسلوبية محمد خان، أعتبرها ميزة لفنان لم يركن إلى مجموعة من الموضوعات، ولم يستكن إلى أسلوب، تنمطان أفلامه، ولا يزال بعد العدد الكبير من الأفلام التي قدمها يبحث ويجرب، مغامراً بالنجاحات والانجازات التي حققها وجعلته من بين أهم مخرجي السينما المصرية.وعلى الرغم من أن تجربة محمد خان السينمائية بدأت مع مجموعة من مخرجي الواقعية الجديدة في مصر، الذين شكلوا مايشبه الثورة على أفلام الرومنسيات البائسة وأفلام المقاولات التي طغت على السينما المصرية في سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي كالمرحوم عاطف الطيب وخيري بشارة وداوود عبد السيد، إلاّ أن أنها تميزت عنهم جميعاً باصرارها على الاستمرار وتنوعها ولمستها الخاصة، حتى بعدما تدهورت أحوال هذه السينما ووصلت إلى مرحلة هي الأسوأ حتى من مرحلة أفلام المقاولات، عندما لم يعد للمخرج شخصية أو أسلوب أو دور إلاّ التقيد بأوامر نجوم انتقلوا فجأة من أدوار الكومباس إلى أدوار البطولة، ورغم الملاحظات الكثيرة التي يمكن أن تقال عن آخر أفلامه "في شقة مصر الجديدة"، إلاّ أن تجربة محمد خان فيه تستحق الاحتفاء، لكونها أقرب إلى الانتحارية في زمن تحول فيه الفيلم المصري إلى مجموعة من المشاهد الملفقة التي لاتحتوي إلاّ على بعض الافيهات الضاحكة.في فيلمه "في شقة مصر الجديدة" يدخل محمد خان عالمه المفضل الذي طالما احتفى فيه في كل أفلامه، عالم الناس العاديين الذين لايلتفت إليهم أحد، ولايقومون بأفعال كبيرة، ولاتوجد فرصة أمامهم لأي نوع من أنواع النجومية، وموضوعه الرئيسي هو الحب، فكل شخصيات فيلمه مرتبطة بقصة حب ظاهرة أو مخفية، ناجحة أو فاشلة، يائسة أو آملة، وكما وظّف أغاني عبد الحليم حافظ في رسم شخصيات وعوالم ومرحلة جيل ضمن نسيج فيلمه "زوجة رجل مهم"، ثم أعاد الكرة بنجاح أقل حين أدّت أغاني أم كلثوم دوراً تزينياً في فيلمه "فارس المدينة"، يعود إلى استخدام أغاني جيل العمالقة وفي مقدمتهم ليلى مراد في فيلمه "في شقة مصر الجديدة"، بشكل لايخلو من التركيبية والتصنيع الذي حكم كثيراً إن لم أقل مجمل حدث الفيلم الذي كتبت نصه وسام سليمان، فبدا أقرب إلى محاولة تجسيد فكرة ذهنية أو مجردة منه إلى تصوير أحداث واقعية تضج بالحياة، ولذلك وقع في ثغرات كثيرة يقف أمامها المشاهد طويلاً ليسأل وينتقد ويستغرب ردود أفعال الشخصيات وحواراتها وتراكيبها التي تصل أحياناً إلى حدود الغرائبية، فإذا كان سيعتبر رحلة مدرسة الموسيقا الشابة نجوى (أدتها غادة عادل حسب رؤية المخرج وبدون لمسات خاصة منها) إلى القاهرة، ومحاولتها البحث عن مدرستها القديمة تهاني، التي طردت من المنيا بسبب مساهمتها في فتح عيون طالباتها الصغيرات –ومنهن نجوى- على الحب، إذا كان سيعتبر هذه الرحلة مقبولة على المستوى الواقعي، إلاّ أن مجموعة الأحداث التالية لها والتي تجبرها على التخلف عن زميلاتها والبقاء في القاهرة، وردة فعل أمها الهادئة على وجودها في القاهرة وحيدةً، وبحثها عن مدرستها تهاني التي تبدو كفكرة أو كأمثولة أكثر من كونها إمرأة واقعية وحية، والشخصيات الغرائبية الطباع التي تلتقيها، من سائق التكسي إلى مديرة بيت المغتربات إلى صاحب البيت التي تستأجره تهاني، كل ذلك يجد المشاهد صعوبة في تقبله على المستوى الواقعي، ورغم ذلك يخلطه محمد خان بأحداث واقعية من خلال شخصية موظف البورصة يحيى (كان باستطاعة أي ممثل تأدية الشخصية التي جسدها خالد أبو النجا بدون ملامح) وعلاقته العابرة بزميلته المطلقة، ومن ثم اكتشافه لعاطفة الحب في داخله تجاه نجوى التي تبادله نفس المشاعر فجأة أيضاً، والتي تنتهي النهاية السعيدة والتقليدية لكل الأفلام العربية.ايقاع الفيلم وحركة أحداثه البطيئة والرتيبة والدخول في التفاصيل الجانبية التي لاتضيف للحدث الرئيسي أو تضيء عوالم شخصياته، وتبدو أقرب إلى الثرثرة في تفاصيل غير ذات قيمة، تساهم إضافة إلى التركيبة الذهنية للفيلم، والأداء العادي لممثليه الرئيسيين في خلق جو من الملل يشعر به المشاهد، رغم محاولات محمد خان تشكيل كادرات تلعب فيها الظلمة والنور دوراً جمالياً، لكنه لايغني صورة الفيلم، أو يقلل من حالة شعور المشاهد بالملل خلال متابعته له، أما بالنسبة لتصوّر المخرج ورؤيته للفكرة التي حاول تجسيدها، فلم يظهر منها للأسف في شريط "في شقة مصر الجديدة" أكثر من عشرة بالمائة إذا أحسنت الظن، أما التسعين بالمائة الباقية فبقيت في ذهن محمد خان.

No comments: