Monday, August 13, 2007

كــدة رضـــا.. عندمــا يصبح الضحك رســـالة
13/8/2007
طارق الشناوى يكتب حكايات فنية
أحمد حلمي يقهــر الوحش الرابض في أعماقه يواجه النجم الجماهيري عدوًا شرسـًا لا يهـدأ و لا ينــام يتجاوز لهيب معركته الدائمة و مؤشــر صعوده و هبــوطه في شباك التذاكــر .. نستطيع أن نقــرأ دلالتـه في نجاحه أو إخفاقه في عبــور هــذا الصــراع بأقــل عدد من الخسائـر .. النجم صاحب الكاريزمـا يملك في داخله طاقـة جذب لا يستطيع أحــد أن يدرك مصدرهـا و أسبابهـا .. هي منحــة إلهيــة و رغــم ذلك فإنهــا تحتــاج إلى قدرة على وضعهــا في الإطــار الصحيح و إلا انقلبت من طاقة تتجدد إلى طاقة تتبدد، من نــور يضيء إلى نــار تحرق. أستطيع مثــلاً أن أرى كل من النجمين أحمد حلمي و محمد سعد و همــا يقفان معــًا في "55 إسعــاف" لمجدي الهــواري كان النجمان قد التقيـا قبلهـا بعام تحت المظلة الجماهيرية لعلاء ولي الدين في فيلمه "الناظـــر" .. و لهــذا كان الرهــان على أن كـلاً منهمـا من حقه أن يصبح بطــلاً .. تترات فيلم "55 إسعــاف" وضع اسم حلمي سابقـًا اسم محمد سعد و لا علاقة بأبجدية الحروف و لكنه بتوقع النجــاح الجماهيري و أيهمــا أكثر جاذبيــة .. لكن الواقع العملي كان له رأي آخــر و على الفــور انطلق "سعــد" بعدهــا إلى سـدة الحكم مطيحـًا بمحمد هنيدي من خلال قنبلة "اللمبي" 2002 لوائل إحســان .. بينمــا حلمي انتظــر عامـًا آخــر ليقدم فيلمه الثاني "رحلــة حب" لمحمد النجــار تحن جنــاح نجومية محمد فــؤاد .. ثم جــاء له فيلم "مــيدو مشاكــل" بطولة مُطلقة إخــراج محمد النجــار و تبــدأ رحلته مع الأرقــام في 2003 كنجم بمفرده النجــاح أو الإخفــاق الجماهيري .. كان السـؤال الذي طُرح عليه عندمــا كانت إيراداته نصف إيرادات محمد سعد: هل تطمح في الوصــول إلى نفس الرقم؟ الإجابة نعــم، و لكن خطــوة خطـوة .. أعتقد أن تلك هي سياســة حلمي في صعــوده الجماهيري حتى وصــل إلى محطــة "كــدة رضــا". يستطيع حلمي أن يروض هـذا النــداء الصــارخ بداخله الذي يؤكد له أنه كل شيء في العمــل الفني و أن جاذبيته الداخلية تكفي و زيــادة .. "حلمي" على العكس ربمـا كانت أول أفلامــه في مشــوار النجومية "ميــدو مشاكــل" هو أضعفهــا فنيــًا على الإطــلاق لكنه بعد ذلك يحرص على التعامل مع مخرجين .. تجد ذلك في "ظــرف طارق" وائل إحســان، "جعلتني مجرمــًا" عمــرو عرفــة، "مطب صناعي" وائل إحســان، و هــذا الصيف "كــدة رضــا" مع أحمد جــلال .. نعم هو يمتلك الشاشة من خــلال ثلاثة توائــم باسم واحد "رضــا" لكنك لا تستطيع أن تلمح كاتب السيناريو يفكــر في تقديم موقف رغــم أن هـذه أول تجاربه "أحمد فهمي" و مخرج له وجهة نظــر في اللقطة و الحالة العامــة و في نفس الوقت يعرف كيف يوجه ممثــلاً يؤدي ثلاث شخصيات "أحمد جــلال" و مهندس ديكــور "محمد أمين" و موسيقى تصويرية "عمــرو إسماعيل" و مدير تصوير "أحمد يوسف" يتعامل بحرفية مع الإضـاءة و مونتــاج "معتــز الكاتب" يعرف بالتحديد أين يقطع ليصل باللقطة إلى الذروة في الكوميديــا. الفيلم به ثــراء على مستوى الصــورة تفتقده في العــادة أفــلام هـذا الجيل حتى غير الكوميدي منهــا .. كنت أشعر ببهجـة و أنـا أتابع الراوي و هو يقدم حكاية الأب الذي ينجب ثلاثة توائم .. إنه لص خزائن و بإحساس ساخـر عالي النبــرة يقدم جــلال تلك اللقطات في تتابع يشي بفهم عميق للتعبير الكوميدي مع صرخــة مزعجــة مع ولادة كل طفل من التوائم يبــدأ في فتــح الخزنة .. هنــاك رحابة فكرية و هو يقدم علاقة الأطفــال الثلاثة بالصــلاة يــوم الجمعـة و كيف يتهربون تباعـًا من الأب .. الفرض الدرامي هو أن الكل يُخدع في الأخـوة "رضــا" لأنهم في السجل المدني باسم واحد منعــًا للحسد و بالطبع لا يمكن تصديق هــذا على أرض الواقع فلا أحــد يضبط أكثر من شقيق في مكــان واحـد .. و يبدأ اللعب دراميــًَا على تلك المفارقة في الامتحــان الثلاثة يشتركون في الإجابة كل منهم ينتقل لإجابة ســؤال ثم يحصلون على شهــادة واحــدة بالطبع .. حتى الفتــاة الوحيدة التي ارتبطــوا بهـا "منــة شلبي" أحبهــا الثلاثة .. إننــا أمــام ثلاث شخصيات الطيب مقهــور الشخصية "سمسم" و هو مشغــول بالكمبيوتر ثم لاعب الكــرة "بيبــو" عاشق الأهلي الذي لم يستطع أن يحقق حلمه بتحقيق النجومية و احتفظ باسم أشهــر لاعب كــرة "بيبــو" ثم "البرنس" الشرير قوي الشخصية هو المحــور الأساسي و صاحب الشخصية المتسلطة على أشقائه و يحركهم كمــا يحلــو لــه .. سمسم هو الأقرب لأحمد حلمي الممثل إنه المغلوب على أمــره حتى عندمـا يتشاركون في إقامة علاقة مع فتــاة ليل هو الوحيد الذي يفشــل في ذلك و يتحمل المسئولية أمـام أبيــه .. الطبيب النفسي الذي أدى دوره "خالد الصـاوي" نجح تمامـًا في تقديم أعلى الضحكــات صخبــًا مع شخصية "سمسم" الفتى الطيب .. و لأن المنطق الدرامي القائم عليه الأحــداث هو بمثابة اتفــاق بين صنــاع الفيلم و الجمهــور فإنني لم أشعــر بارتيــاح للعشرين دقيقة الأخيرة من الفيلم لأنهــا تحاول أن تطبق قانون الواقع على أحداث تجاوز من خلالهـا الجمهــور الواقع و ذلك عندمــا نكتشف أن منـة شلبي بمسـاعدة الطبيب النفسي تتلاعب بالثلاثة .. كان على الفيلم أن يواصل اللعب حتى النهايــة لأنه لا جــدوى لكي يحاول أحــد أن يعثــر على منطق للا منطق .. احتل "حلمي" الشاشــة مثل سعــد في "كــركــر" أو هنيدي في "عندليب الدقي" لكنه قدم لنـا أداءً دراميــًا للشخصيات المتباينة في دوافعهــا و أفكارهــا .. كنــا نتابع المؤدي "أحمد حلمي" و ليس المضحاتي .. كانت أمامنـا شخصيات تتحرك و تشتبك و تتفاعــل و من هنــا جــاء فيلم "كـــدة رضــا" فيه تنفيذ عالٍ من المخرج مع فريق العمــل مع تميــز في فن الجرافيك ليمزج بين الشخصيات الثلاث معــًا .. من المشاهــد التي قُدمت ببراعــة على مستــوى الصــورة "لطفي لبيب" أثنــاء حلاقة ذقنه في الحمــام و باب الحمــام متحرك يتصل بالخــارج و كل من التوائم يأتون تباعــًا .. ثم مشهد ذهــاب منــة شلبي لمحل بيع الملابس الحريمي و معهــا التوائم الثلاثة و كل منهم يعبر عن شخصيته .. ثم مشهد ماراثــون الجــري. كان التباين واضحــًا بين "سمسم" المســالم و "البرنس" العدواني بينمــا "بيبــو" على الورق كان هو أضعف تلك الشخصيات دراميــًا .. لا ننسى في الفيلم مشاهــد "لطفي لبيب" و هو يضع عصابة على عينه المفقــودة تتماثل مع لون البيجامة التي يرتديهــا أو و هو يصلي حتى يغفــر الله له ذنوبه .. كذلك لخالد الصــاوي مشهد كوميدي صــارخ و هو يرقص مع حلمي .. "منــة" كانت لهـا مساحـة على الشاشــة و لكن ظلت بلا عمق أو تمــاس حقيقي مع الشخصية .. يأتي فيلم "كــدة رضــا" مع قرب انتهــاء مذبحــة الصيف السينمائي يحمل في عمقــه تحية لفن جميل اسمه الكوميديــا .. نعــم ضحك لا يحمل رســالة إلى الضحك و ما أروعهــا من رســالة لو عرف المبدعــون أهمية الضحك!! أحمد حلمي هو الفنــان الوحيد بين نجــوم الكوميديــا الذي استطــاع أن يقهــر العدو الشــرس الرابض بداخله و الذي يقــول له أنت لا تحتــاج إلى كاتب و لا مخــرج .. أنت الفيلم و الفيلم أنت .. الوحش دائمـًا داخل الفنــان .. "حلمي" قهــر الوحش

No comments: