Wednesday, August 15, 2007

كده رضا: احمد حلمى فنان موهوب بجد ... و نجم مغامر
15/8/2007
الاهرام - كتب: نــادر عــــدلي
شهد ختام الموسم الصيفي لهذا العام نهاية سعيدة‏,‏ وغير متوقعة‏!..‏ فقد تدفقت الدماء في شراينة‏,‏ وعادت له الحيوية بعد عرض فيلم كده رضا‏,‏ لقد ظللنا ثلاثة أشهر كاملة بطول‏15‏ فيلما نعاني من الرتابة والتقليدية وثقل الظل والفهم الذي تعاني منه الافلام الصيفية‏..‏ وكاد الموسم ان ينصرف ولم تخرج منه سوي بنفحات من مرجان احمد مرجان‏,‏ ورومانسية قتلها تيمور في شفيقة‏..‏ ولكن الموهوب احمد حلمي كان له راي اخر‏!.‏ لم ارحب بالبطولة الاولي لاحمد حلمي في ميدو مشاكل‏,‏ فقد كان عملا سخيفا ملفقا‏,‏ ثم فوجئت بانه يطور نفسه بسرعة في ثلاثة أفلام متتالية‏:‏ ظرف طارق وجعلتني مجرما ومطب صناعي حيث شاهدناه ممثلا كوميديا لطيفا‏,‏ ومشروع نجم يجتذب الجمهور‏,‏ فقد ابتعد عن المواقف الكوميدية الغليظة الحركات والافيهات‏,‏ الي كوميديا الموقف الهادئة‏,‏ والذكية المفارقة‏..‏ فجاءت أفلامه مختلفة عن الكوميديا السائدة‏,‏ وارتفعت شعبيته وايراداته من فيلم لاخر‏.‏ الامر الاخر المهم أن احمد حلمي ـ بجسارة يحسد عليها‏!‏ ـ ضرب عرض الحائط بالقوانين والتقاليد التي فرضها المنتجون والموزعون طوال السنوات العشر الاخير بمحاصرة أي نجم ناجح في دائرة الاحتكار الضيقة‏,‏ وفرض نوع الفيلم الذي يجب ان يقدمه‏,‏ وتحجيمه بحيث لا يقدم سوي فيلما واحدا في العام‏..‏ واستسلم كل النجوم الشباب لهذه التقاليد لان المقابل لها هو عدة ملايين من الجنيهات‏,‏ واصبح هؤلاء النجوم سلعة في يد الموزعين يتاجرون بها في اسواق صالات العرض والفضائيات‏..‏ ولكن حلمي خرج من هذه الدائرة الجهنمية‏,‏ وقدم‏4‏ أفلام في سنتين‏,‏ ونجحت كلها‏!!.‏ وبعد فيلمه الاخير مطب صناعي قلت ان مشوار حلمي نحو الاستمرار في التفوق والنجومية يواجه مطبا صناعيا إن لم يطور نفسه‏,‏ وتجربة السابقين عليه ماثلة امامنا فقد استسهلوا النجاح‏,‏ فكان هبوطهم مدويا‏..‏ ووعي احمد حلمي الدرس‏.‏ اتفق ملوك سوق التوزيع علي أن عرض فيلم كده رضا بينما الموسم الصيفي يقترب من نهايته يمثل مغامرة غير مضمونة العواقب‏..‏ وذهبت توقعات الملوك في مهب الريح‏,‏ والسبب اننا امام عمل فني متميز‏,‏ وليس فيلما لاستهلاك نجم‏!.‏ تقوم معالجة فيلم كده رضا علي فكرة اقرب الي الفانتازيا‏,‏ حيث يتم انجاب ثلاثة توائم يخشي والدهم من الحسد‏,‏ فيقرر أن يسجلهم في الاوراق علي أنهم طفل واحد اسمه رضا‏..‏ ويكبر التوائم‏,‏ ويتعامل معهم الجميع علي أنهم شخص واحد حيث لا يوجد أي اختلافات بينهم في الشكل‏,‏ بينما هناك اختلاف في المشاعر والطباع‏,‏ وهنا تظهر مهارة السيناريست الشاب والجديد احمد فهمي في الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة لكل شخصية وردود افعالها‏,‏ لنصبح امام فيلم تقوم كل احداثه علي مفارقة تمتد بطول الفيلم‏.‏ شخصيات التوائم الثلاثة هي‏:‏ رضا ـ البرنس وهو عدواني وقوي الشخصية ومتصلت ويقود شقيقية وكأنه رئيس عصابة‏,‏ فهم يعملون بالنصب علي الاخرين‏,‏ والاشرار منهم بالتحديد‏!..‏ والثاني رضا ـ سمسم وهو طيب ومنطوي ومنقاد ويهوي الجلوس امام النت‏..‏ والثالث رضا‏..‏ بيبو يهوي لعب الكرة ومشجع متعصب‏..‏ ويستفيد التوائم من كونهم امام الجميع شخص واحد فيربحون مثلا ماراثونا للجري بالتناوب‏,‏ ويتعاملون مع ثلاثة بنوك في نفس الوقت وهكذا‏..‏ وتاخذ المفارقة شكل الاثارة عندما يقع التوائم الثلاثة في حب فتاة واحدة منة شلبي‏..‏ ثم تصبح المفارقة اكثر اثارة عندما يقع النصابون الثلاثة التوائم ضحية لنصابين اخرين هم الفتاة وطبيب نفسي‏.‏ اننا امام عمل مرح‏,‏ قد لا تضحك فيه مثلما ضحكت في أفلام حلمي السابقة‏,‏ ولكنك تظل مستمتعا طوال الفيلم سواء بالاداء الموهوب لاحمد حلمي وتنقله بين الشخصيات الثلاثة المتشابهة شكلا دون ان يسبب لك اي ازعاج‏..‏ انه في هذا الفيلم في اختبار مع موهبته التي اثبتت جدارتها‏..‏ وقد لعبت منة شلبي دورها بتفهم وكانت حاضرة بقوة في العمل‏..‏ وايضا خالد الصاوي الذي خرجت انفعالاته هذه المرة منضبطة وراقية بعكس فيلم ظرف طارق‏..‏ وكان لطفي لبيب ضيف الشرف في دور الاب‏.‏ كانت كاميرا احمد يوسف في استخدام الاضاءة للتفريق بين التوائم الثلاثة متميزة للغاية‏,‏ ومونتاج معتز الكاتب احتفظ للمفارقة الطويلة التي يقوم عليها الفيلم بإيقاع متجدد محبب‏,‏ ولا شك ان الجرافيك لعب دورا جيد جدا في تقديم العمل بسلاسة‏..‏ وكانت الموسيقي التصويرية ذكية وتمثل اضافة كوميدية‏..‏ وقد سيطر المخرج احمد جلال بمهارة علي كل ادوات فيلمه‏,‏ فجاء ممتعا في الصورة والاداء والتنقل بين الديكورات والتصوير الخارجي ليقدم عملا مبهجا‏..‏ وان كان ياخذ عليه تحويل العمل الكوميدي الي شكل اقرب الي البوليسي في الـ‏15‏ دقيقة الاخيرة‏..‏ ولكن حتي هذا لم يكن مزعجا‏!.‏ كده رضا حالة سينمائية جميلة‏,‏ متدفقة الافكار والتفاصيل‏,‏ وممتعة في توظيفها لادوات الفن السابع‏..‏ انه عمل تشعر بالبهجة والرضا وانت تتابع احداثه ومفارقاته‏,‏ لانه عمل فني جيد‏.

No comments: