احلام حقيقية
27/1/2008
تقرير العربية.نت السينمائي الأسبوعي
اكتشف سر حجاب حنان ترك في "أحلام حقيقية"
دبي - حكم البابا
يخصص تقرير العربية.نت السينمائي الأسبوعي مادته الرئيسية هذا الأسبوع للفيلم المصري (أحلام حقيقية) الذي يعرض حالياً في الصالات العربية، وفيه يحاول كل من (مؤلفه محمد دياب ومخرجه محمد جمعة في أول تجاربه الاخراجية، وأبطاله حنان ترك في آخردور سينمائي لها بدون حجاب، وخالد صالح في أول بطولة سينمائية له، وداليا البحيري وفتحي عبد الوهاب) تقديم نموذج ممسوخ وممصّر لأفلام الدراما النفسية الأمريكية التي تدور أحداثها في أجواء الرعب والاثارة والغموض.
أحلام حقيقية: فيلم يدعو للتوبة
إذا أخذنا بالقواعد التي تتبعها صالات السينما المحترمة والتي تصنف فيها الأفلام التي تعرضها بين أفلام للعائلة وأخرى للراشدين أو لمن هم فوق سن الثامنة عشرة، فإن التصنيف المناسب لفيلم الرعب والاثارة والغموض المصري (أحلام حقيقية) هو فيلم للمصابين بالشلل الدماغي وذوي الجماجم المنغولية ونزلاء أجنحة الميؤوس من شفائهم في مشافي الأمراض العقلية، أو في أحسن الأحوال لمشاهدين لايتقنون اللغة العربية التي ينطق بها الفيلم.أقول هذا الكلام ليس من قبيل المبالغة في السخرية أو رغبة في إثارة أي ضحك، فرغم كل الأفلام المصرية الرديئة التي شاهدتها خلال الأعوام الماضية، والتي أصبحت سمة عامة للسينما المصرية بعد تراجع فرص العمل المتاحة أمام مبدعيها الحقيقيين، وتحوّل الكومبارس في الكتابة والتمثيل والاخراج إلى نجوم الشباك اليوم، إلاّ أنني لم أشاهد فيلماً بهذا المستوى من الاستهانة بعقل المشاهد مع إدعائه الجدية كما شاهدته في (أحلام حقيقية)، ولأبدأ أولاً من فكرة انتاج فيلم رعب وغموض وإثاره مصري، لايعتمد على مفردات الحياة المصرية سواء في نوعية الحدث أو طبيعة العلاقات بين شخصياته، ويقرصن بأسلوب رديء أجواء وقصص الأفلام الأمريكية التي تنتمي لهذا النوع من الدراما، من دون أن يفكر قبل استنساخها ما إذا كانت تصلح للتمصير أم لا أولاً، ومن دون أن يتعب نفسه بالسؤال بدراسة الموقع الجغرافي لمصر، والطقس الذي يفرضه هذا الموقع ثانياً، فكمية الأمطار التي رأيناها تهطل في الفيلم يجعل من مصر دولة في موقع جغرافي أعلى أو أسفل من موقع مصر الجغرافي الحالي بخطي عرض على الأقل، ناهيك عن لامنطقية الحدث الرئيسي للفيلم، فلا توجد نظرية لافي العلوم الطبيعية ولافي علم النفس ولاحتى في عوالم الماورائيات يمكنها أن تدعم النظرية التي فبركها مؤلف الفيلم إنطلاقاً من فكرة التخاطر، عن رؤية شخص لنفسه في أحلامه يرتكب جريمة، ثم يفاجأ بأن الجريمة حدثت في الواقع فعلاً، والأنكى من ذلك أنه يكتشف أن الجريمة قام بها شخص آخر كل معرفته به لاتتعدى الثلاثة أشهر، وبنفس الطريقة التي شاهدها الشخص صاحب الحلم أثناء نومه، وهذه الفبركة والقفز ليس فوق الواقع فقط بل وأيضاً فوق المنطق والعلم، لاتقف عند حدود الفكرة الرئيسية للفيلم، بل تنسحب على كل مافيه من طبيعة الشخصيات والعلاقات المفتعلة التي تربطها ببعضها البعض، إلى أسلوب الأداء الذي اختاره الممثلون الخمسة الذين ظهروا فيه، إلى المشهدية المجانية في تصوير الأجواء الليلية والممطرة وجماليات حركة الأقدام والأحذية على الأرض بهدف خلق حالة الغموض والاثارة والرعب، والتي لايشعر المشاهد بتأثر من أي منها إطلاقاً في أي لحظة من لحظات الفيلم!وبالتأكيد أنا لست الوحيد الذي خرج من صالة العرض عقب مشاهدة الفيلم وفي ذهنه عشرات الأسئلة التي لم يجد لها إجابات، من عدم فهم الأزمة الحقيقية لشخصية الفيلم الرئيسية مريم (التي أدتها حنان ترك بكثير من التصنع انطلاقاً من غموض الشخصية في ذهن كاتبها) وأسباب علاقتها الجافة بزوجها وبمحيطه، ورفضها للانجاب منه رغم أن زواجهما أنجب طفلة في السابق، وسبب علاقتها المتوترة بطفلتها رغم حبها العارم لها، وماهو سرّ ظهور الأحلام في حياتها بهذا الشكل المفاجئ ومع بداية الفيلم تحديداً، في حين تبدو في علاقتها بصديقتها التي تعرفت عليها حديثاً مثالاً على العلاقة الطبيعية والسوية، وتستمر هذه الأسئلة لتطال شخصية الزوج الدكتور أحمد وعلاقته الإكس لارج بزوجته مريم (التي يؤديها خالد صالح بحيادية وحضارية مثيرة للاستفزاز كما لو أنه يعيد إنتاج العلاقة الشهيرة والحضارية للكاتب الفرنسي جان بول سارتر بالكاتبة سيمون دي بوفوار)، ومن ثم شخصية صديقة مريم الذي بدا من أداء داليا البحيري العشوائي والمتقلب لها أنها لم تطرح سؤالاً على المؤلف أو المخرج، أو أنها سألت ولم تجد إجابة عن طبيعة الشخصية، وسر كرهها الغير مبرر لصديقتها مما يجعلها ترتكب الجرائم وتحاول لصقها بها، إلى أن عثر لها المؤلف أخيراً وكنوع من الحل على ملف نفسي سابق في مشفى مغلق للأمراض النفسية، ولاتتوقف هذه الأسئلة عند شخصية وكيل النيابة الذي قدمه فتحي عبد الوهاب بالاتفاق مع المؤلف والمخرج كما لو مستورد بالكامل من شخصيات مفتشي الشرطة الغريبي الأطوار في الأفلام الأجنبية، والتمصير الوحيد الذي أدخله المؤلف على شخصيته ظهر في مصادفة كونه الحبيب السابق لبطلة الفيلم، والتي لم تتزوجه للأسباب المادية نفسها التي تفرق كل العشاق في كل الأفلام المصرية التجارية، وبالتالي يعيش حالة التمزق بين الواجب والحب والانتقام والرغبة في الانصاف.وإذا كان فيلم (أحلام حقيقية) يترك كل هذه الأسئلة وغيرها مفتوحة أمام مشاهده كونه لايملك إجابات عليها، فإن السؤال الوحيد الذي يجيب عنه في رأيي ويقدم له تفسيراً منطقياً، هو سبب قرار بطلته حنان ترك ارتداء الحجاب خلال تصويره، فالعمل في مثل هذا الفيلم يحتاج فعلاً إلى توبة، وهو مافعلته حنان ترك!
No comments:
Post a Comment