أنا مـش معاهـم فيلم مرح يتمرد علي الكوميديا الأستهلاكية
المصدر: جريدة الاهرام
07/03/2006
جاء فيلم أنا مش معاهم ليمثل لي مفاجأة سارة, فقد توقعت أنه مع الأفلام الكوميدية الأستهلاكية التي يزدحم بها السوق السينمائي في مصر, وأن الجديد هو تصعيد ممثل كوميدي أحمد عيد لينضم لفرقة المضحكين الجدد, ويتولي بدوره العزف المنفرد كبطل جديد لديه بعض الأفيهات والمفارقات الضاحكة.. وخاصة أن مخرج الفيلم أحمد البدري رصيده السابق من الأفلام لا يدعو للأمل أو التفاؤل بإنتظار شيء مختلف يمكن أن يقدمه.. ولكن خاب ظني وتوقعي, وشاهدت فيلما لطيفا ومهما.أحداث الفيلم تصور طالب طب فاشل( أحمد عيد), يتكرر رسوبه كل عام, ويتعامل مع حياته بإستهتار وبلادة مع شلة شباب جامعي تشاركه أفعاله الصبيانية من تعاطي للمخدرات والغراميات الجنسية الطائشة.. وأثناء مظاهرة بالجامعة تقع عينيه علي فتاة جميلة محجبة( بشري), أنه يراقبها منذ فترة, ولكن مشاركتها بالمظاهرات يجعله يزداد بها اعجابا.. ويشارك في المظاهرة من أجل أن يتقرب إليها, ويحدث هذا التقارب فعلا, ويقوم بخطبتها بمباركة أسرتيهما!.. ولكن الفتاة التي تبدو متزمتة رغم أنها من أسرة تقليدية أو متحررة تشارك ببعض الأنشطة الدينية الخيرية, ويحاول أن يستغل تدينها ونقاءها بعض المتطرفين المرصودين من الجهات الأمنية, وجاء أرتباط الشاب بها ليجعله مرصود أمنيا بدوره ويتعرض للأعتقال والسجن إلي أن يثبت أنه ليس مع المتطرفين الذين يقومون بأعمال ارهابية( أنا مش معاهم).قصة الفيلم الذي كتبه فيصل عبد الصمد, قام علي معالجة جيدة لطرح قضية مهمة هي الفرق بين التدين من ناحية, والتزمت واستخدام الدين لأهداف سياسية من ناحية أخري.. كما أنه يقترب من عالم الجامعة الذي تعاملت معه السينما بخفة شديدة في أفلامها السابقة, وجاء البناء الدرامي متماسكا رغم جنوحه في مواقف عديدة من أجل تحقيق مواقف كوميدية.. وكانت نهاية أنا مش معاهم لطرح فكرة الإنتماء للوطن أو مصر من خلال مباريات كرة القدم في الكأس الافريقية موفقة للغاية.. أما النهاية الثانية للفيلم والتي استخدمت الشكل البوليسي للحيلولة دون انفجار قنبلة في محطة مصر, فقد جاءت مفتعلة إلي حد كبير.. لا بأس
إن فيلم أنا مش معاهم شريط سينمائي مهم لأن يؤكد أنه من الممكن معالجة القضايا المعاصرة في قالب كوميدي لطيف ومرح, وأن الكوميديا ليست مجموعة أفيهات ومفارقات حركية لاستجداء الضحك.. وقد لعب أحمد عيد دوره بتفهم وتلقائية حيث اعتمدت الشخصية علي مشاعر مختلفة لشاب يعيش مرحلة البحث عن الذات والصراع بين التطرف والتدين.. وقدمت بشري أفضل أدوارها حتي الآن وكانت مقنعة.. ولعب باسم سمرة دوره بشكل متميز ومؤثر.. وساهمت الأدوار الثانوية التي تصدي لها ممثلين كبار في تقديم اضافة للفيلم والأحداث: رجاء الجداوي وأحمد راتب ولطفي لبيب.. نأتي إلي أحمد البدري في فيلمه الخامس بعد أفلام: غاوي حب ـ لخمة راس ـ كامل الأوصاف, وعليا الطرب بالثلاثة لنجده مخرجا يتعامل مع أدواته بحرفية وحس, كان يفتقدهما في تجاربة الأربعة السابقة.يعد فيلم أنا مش معاهم أثبات أن الكوميديا فن سينمائي مؤثر وليس ضحكات فارغة, وأنها أحيانا تصبح أكثر قدرة علي معالجة قضايا اجتماعية حقيقية بأسلوب بسيط ومرح وواعي.
المصدر : جريدة الاهرام
No comments:
Post a Comment