Wednesday, June 27, 2007


تيمور و شفيقة ‏.. ‏ماذا لو كان شفيقة و تيمور ؟
27/06/2007

باستثناء الدقائق الثلاث الأخيرة من فيلم تيمور وشفيقة‏,‏ فإننا أمام عمل فني متميز ومسل‏,‏ وتدور أحداثه في بساطة ومرح محببين‏,‏ ويقوم علي قصة حب لطيفة بين شاب وفتاة تنمو مع السنين‏,‏ وتتأرجح العلاقة بينهما بين الشد والجذب‏..‏ وكلمة السر الأولي في تميز الفيلم هو مخرجه خالد مرعي في أول أعماله بعد أن خرج من غرفة المونتاج‏,‏ وهناك كلمات أخري تحمل اسماء تامر حبيب ومني زكي وأحمد السقا‏..‏ ولكن‏!‏منذ زمن غير قصير توقفت الأفلام المصرية عن تقديم معالجات وقصص تدور حول علاقة حب بين شاب وفتاة‏,‏ خاصة بعد استحداث التعبير الفاقد المعني والمضمون السينما النظيفة حيث أصبحت علاقات الحب مهمشة وفي خلفية الأحداث‏,‏ وأصبحت السينما رجل‏!..‏ لذلك يبدو تيمور وشفيقة لأول وهلة وكأنه يقدم موضوعا جديدا يبدأ وينتهي وتدور كل أحداثه حول قصة حب‏!‏ مع المشاهد الأولي يظهر الارتباط بين ولد وبنت فهما جيران وتقوم بين أسرتيهما علاقة ودية حميمة‏..‏ ويكبر الولد‏(‏ أحمد السقا‏)‏ وتنمو البنت‏(‏ مني زكي‏),‏ ويتحول ارتباطهما الطفولي إلي قصة حب ومشروع زواج ولسبب غير مفهوم تماما ـ دراميا ـ تحدث بينهما مشاجرة معتادة ولكنها تنتهي إلي اتفاق علي صرف النظر عن الزواج‏,‏ وأن يظلا اخوات‏!‏ ويحفظ تيمور العهد ويظل متابعا لكل أحوال شفيقة كأخ كبير يمثل لها الأمن والأمان لمدة سبع سنوات كاملة‏!‏مع تطور الأحداث يظهر أن السيناريست تامر حبيب قرر تجميد قصة الحب دراميا من أجل القفز بالأحداث زمنيا حيث تصبح شفيقة أستاذة جامعية متفوقة ويتم اختيارها لتصبح وزيرا للبيئة‏,‏ أما تيمور فهو ضابط شرطة متفوق بدوره في مجاله ويصبح في الحراسات الخاصة بالوزراء حتي يصبح حارسا لبنت الجيران والحبيبة السابقة والوزيرة الحالية‏!..‏ هذه الأحداث التي تستغرق الجانب الأكبر من الفيلم قدمت من خلال مواقف كوميدية راقية للغاية بأداء متميز لكل من مني زكي وأحمد السقا‏,‏ وكل من رجاء الجداوي وهالة فاخر وجميل راتب‏(‏ رئيس الوزراء الذي رشح شفيقة للوزارة‏).‏فجأة يتذكر فريق العمل بالفيلم أنه لم يتم الاستفادة الواجبة‏(‏ والمنتظرة من الجمهور‏)‏ من إمكانت أحمد السقا في الأداء الحركي والبوليسي‏,‏ وتتجه الدراما نحو سفر الوزيرة‏(‏ شفيقة‏)‏ إلي الخارج لحضور اجتماع وزاري دولي‏,‏ ويسافر تيمور في حراستها وخلال الرحلة تستعيد قصة الحب بينهما عافيتها‏,‏ ولكن سرعان ما يعود الخلاف علي أساس أنه ليس من المنطقي أن يرتبط تيمور رغم الحب الكبير بالوزيرة شفيقة لأنها في مكانة اجتماعية أعلي شأنا‏..‏ وأثناء ذلك يتم اختطاف ثلاثة من الوزراء الدوليين بينهم شفيقة من عصابة أو مافيا لتجارة المخدرات واحتجازهم من أجل الإفراج عن زعيم هذه المافيا‏,‏ وهنا يتحرك السقا وينقذ الوزراء الرهائن في مجموعة مشاهد جيدة‏.‏ونأتي إلي مشهد النهاية لنجد شفيقة تستسلم لرغبة تيمور وتترك الوزارة من أجل الزواج منه‏,‏ وتسقط كل محاولات شفيقة طوال الفيلم من أجل إثبات وجودها كامرأة متفوقة وصاحبة قدرات علمية‏,‏ وهي نفس النهاية التي خضعت لها مديحة يسري في الافوكاتو مديحة‏1950,‏ ثم فاتن حمامة الأستاذة فاطمة‏1952,‏ وتمردت عليها شادية مراتي مدير عام‏1966,‏ والآن بعد‏40‏ سنة نجد مني زكي تعود إلي منطق مديحة يسري وفاتن حمامة‏,‏ وتتمرد علي بطولة شادية وتطور المجتمع الذي يجعل المرأة شريكا أساسيا في النمو والتقدم الاجتماعي‏..‏ نهاية غريبة جدا لفيلم لطيف في كل جوانبه التقنية‏,‏ نجح خالد مرعي في السيطرة علي كل أدواته الفنية وجعله عملا جذابا‏,‏ واجتهد تامر حبيب في تطويره دراميا من خلال مواقف وحوارات جيدة جدا‏.‏ودعونا نسأل‏:‏ لماذا هذه النهاية؟‏.‏ هل لأن السينما مازالت تخضع لمنطق الرجل البطل وأن تيمور يجب أن يظل هو المهمين علي كل شفيقة وأن هذه الأخيرة لابد أن تظل ربة منزل مهما كانت قدراتها الإبداعية والإدارية؟‏..‏ أما أن الفيلم يسجل حالة مجتمع ونظرته للمرأة رغم كل دعوات التحرر في الألفية الجديدة؟‏..‏ نهاية محيرة لفيلم لطيف فعلا‏!‏
المصدر : جريدة الاهرام

No comments: