Wednesday, February 20, 2008

حسن طيارة ‏...‏ رومانسية الميكروباس بين الحب والسياسة‏
المصدر : جريدة الاهرام - كتب نادر على
20/02/2008

تقوم دراما فيلم حسن طيارة علي حواديت وحكايات الشاطر حسن‏(‏ خالد النبوي‏),‏ الشاب الذي تخرج في الجامعة من كلية الحقوق‏,‏ ويعاني من البطالة‏,‏ وحتي ينفق علي اسرته‏(‏ أمه وشقيقه‏)‏ يقرر أن يعمل سائق ميكروباس‏..‏ وهو يملك طاقة حب تجعله رومانسيا‏,‏ وسائقا بارعا‏,‏ ومحاميا داهية اذا منح الفرصة‏,‏ وشهما ومكافحا‏..‏ باختصار نحن امام شاب مثالي في مجتمع غير مثالي‏!..‏الفيلم نفسه مثالي أراد أن يقرأ الواقع كما حدث في سواق الأتوبيس أو في ليلة ساخنة من خلال سائق التاكسي ـ كلاهما للمخرج عاطف الطيب ـ ولكن من خلال سائق ميكروباس‏,‏ وعلي طريقة الفيديو كليب لقطة من هنا وأخري من هناك‏,‏ فخرج الفيلم مبتورا‏!.‏جمع فيلم حسن طيارة بين الحب والسياسة‏..‏ أما الحب فقد شاهدنا مولده عندما أراد اثنان من الشبان العابثين مطاردة ملك‏(‏ رزان‏)‏ وصديقتها‏(‏ جيهان قمري‏),‏ ولكن حسن تدخل ووقف حائلا‏,‏ وقد طارد بالميكروباس سيارة الشابين‏..‏ وهنا تولد الحب في قلب ملك وقررت الا تترك هذا الفتي الشجاع النبيل‏!..‏ ومن خلال قصة الحب هذه التي تولدت بسرعة انتقلنا مباشرة إلي السياسة‏,‏ لأن ملك هذه ابنة وزير‏(‏ عزت ابوعوف‏)‏ ويسعي للزواج منها رجل أعمال تخصص في شراء شركات القطاع العام‏(‏ خالد الصاوي‏),‏ وطبعا هذا الأخير لن يسمح لشاب عاطل ويعمل سائق ميكروباس بان يأخذ ابنة الوزير منه‏,‏ فيطلب من البلطجية الذين يعملون عنده حرق الميكروباس‏..‏ ولا يستغرق الامر سوي مشهد واحد فقط يتم فيه حرق الميكروباس‏.‏ويبدو أن مسألة حرق الميكروباس هذه ليست مهمة‏,‏ حيث تستمر الاحداث بعيدا عنها‏,‏ وتنجح ملك في توظيف حسن عند محام كبير‏,‏ ويثبت هذا الأخير جدارته‏..‏ ولكن والدها الوزير يتدخل لاستبعاده‏,‏ لانه غير موافق علي زواج ابنته من هذا الشاب الشعبي الفقير‏,‏ والذي ينتسب لطبقة غير طبقته‏..‏ وهنا تتحرك رغبة حسن في الانتقام من الوزير ورجل الأعمال ايضا‏..‏ ويقرر العمل بالمحاماة ليقف في وجه سياسة الخصخصة وبيع القطاع العام‏,‏ ويقف مع العمال الذين تم اجبارهم علي المعاش المبكر‏,‏ ويحاول اثبات تلاعب المسئولين الذين يعملون مع الوزير باعداد مستندات تفيد بان الشركات خاسرة من أجل بيعها بمبالغ أقل من قيمتها بكثير لرجل الأعمال‏(‏ خالد الصاوي‏)‏ الذي يقوم برشوة الجميع‏..‏ وتقف ملك مع حسن في قضيته بوصفها مذيعة لطرح قضية العمال‏..‏ الخ‏.‏مشكلة فيلم حسن طيارة انه تعامل بخفة شديدة في معالجة الاحداث‏,‏ ليست السياسية فقط وانما العاطفية ايضا‏..‏ فقصة الحب جاءت مبتورة وكأنها قدر لافكاك منه‏,‏ والمواقف نفسها اثبتت ان ملك بنت الذوات وابنة الوزير راق لها حسن لان مثل لعبة مسلية تجعلها تقف فوق سطح في حي فقير‏,‏ وتاكل طبق كشري‏!..‏ ولم يناقش الفيلم طبعا التطور السياسي الذي حدث في المجتمع وادي إلي الاتجاه نحو الرأسمالية والخصخصة واكتفي باعتراض بعض العمال‏!..‏ ايضا جعل الفيلم من بطله سوبرمان استطاع ان يتصدي لعشرة رجال اقوياء‏(‏ بودي جارد‏)‏ لانقاذ حبيبته المخطوفة من رجل الأعمال‏,‏ بينما وقف وفي عينيه الدموع عندما احترق الميكروباس‏(‏ مصدر رزقه وحياته‏)‏ دون اي مقاومة‏!‏لقد اراد الفيلم ان يقول اشياء كثيرة‏,‏ ولكن للأسف لم يقل أي شيء‏..‏ واراد ان يعيد للشاشة رومانسية مفقودة‏,‏ فتعامل معها بسذاجة شديدة‏..‏ وكانت رزان في شخصية ملك غير موفقة‏,‏ فقد خرج الامر وكأنه استعراض لفتاة جميلة‏,‏ وليس رصدا لمشاعر جميلة‏!..‏ وقد بذل خالد النبوي جهدا واضحا ليجعل للشخصية المثالية ملامح ونبضا ولكن سيناريو وحوار مصطفي السبكي لم يسعفه‏,‏ وجاء أداء خالد الصاوي شديد المبالغة بدون مبرر‏..‏ اما عزت ابوعوف‏(‏ الوزير‏)‏ فقد تعامل مع الشخصية والفيلم بوصفه أحد موظفي التمثيل في السينما المصرية‏.‏صنع المخرج سامح عبدالعزيز فيلما لاهثا ينتقل بين الاحداث دون ان يتأملها‏,‏ واسرع حينما كان يجب ان يبطيء‏(‏ مشاعر الحب‏),‏ واستغرق في التفاصيل عندما كان يجب ان يسرع‏(‏ مشاهد الاكشن‏),‏ وانتقلت كاميرته في الشوارع دون ان ينقل نبضها‏..‏ ورغم أن هذا فيلمه الرابع‏,‏ فإنه لم يستطع ان يقول انا هنا حتي الآن‏.‏فيلم حسن طيارة لا مانع من ان تشاهده‏,‏ ولكن لن تستمتع به بدرجة كافية‏,‏ فهو مثل الميكروباس الذي يعمل البطل سائقا له‏:‏ يسرع فجأة‏,‏ ويتوقف فجأة‏..‏ وزبونه ومؤلفه ومخرجه يتعجلون قطع المشوار حتي يلحقوا برحلة أخري وزبائن اخرين‏!!.‏
المصدر : جريدة الأهرام - نادر عدلى

No comments: