Saturday, February 23, 2008


البلياتشو....أحمد زكي أكثر الحاضرين فيه رغم غيابه
23/02/2008
المصدر: العربية.نت
دبي – حكم البابا
يخصص تقرير "العربية.نت" السينمائي مادته الرئيسة هذا الأسبوع للفيلم المصري "البلياتشو" الذي يعرض حالياً في الصالات العربية، بعد مرور ستة أشهر على عرضه في صالات مصر، وفيه يقدم هيثم زكي ابن الممثل الكبير الراحل أحمد زكي أول بطولة مطلقة له، بعد مشاركته لأبيه في تجسيد شخصية الفنان عبد الحليم حافظ في فيلم "حليم"، مثيراً مسألة التوريث في العالم العربي التي وصلت إلى الفن، بعد أن طالت جميع المهن بما فيها الرئاسة.

البلياتشو: مشكلة التوريث العربي من الرئاسة إلى الفن
يطرح فيلم "البلياتشو" على مشاهده إشكاليتين رئيستين قبل أن يتعامل معه كفيلم في حد ذاته، الأولى تخص مسألة توريث مهن الآباء للأبناء عربياً، وهي مسألة معروفة ومشروعة في مهن مثل النجارة والحدادة والخياطة، ومقبولة إلى حد كبير في مهن مثل الطب والهندسة، باعتبار أن مهن الآباء تؤثر في أجواء أسرهم، وإلى حد ما أصبحت محتملة ولو على مضض في توريث مهنة رئاسة الجمهورية، منذ أن اكتشفت الدول التي تعتمد النظام الجمهوري أن تغيير دساتيرها لا يكلف جهداً أكثر من رفع بضع عشرات من الرجال أيديهم دلالة على الموافقة داخل الأبنية التي يطلق عليها اسم "مجالس الشعب"، أما في الفن فإن تجارب التوريث غالباً ما تكون محكومة بالفشل؛ لأن الفن موهبة قبل أن يكون رغبةً أو اختياراً أو اجتهاداً أو تأثّراً ببيئة، ورغم وجود استثناءات لأبناء تابعوا مسيرة آبائهم الفنية ونجحوا في بناء أنفسهم كأسماء فنية ذات خصوصية لا تعتمد على شهرة الآباء فقط، إلاّ أن أغلب التجارب دلّت على أن اسم الأب وعمله الفني وخاصة إذا كان نجماً في مضماره تقف حاجزاً أمام ابنه، ولهذه الفئة الأخيرة تنتمي تجربة هيثم زكي في فيلم "البلياتشو"، الذي يقدم فيه بطولة مطلقة وخالصة، تختلف كلّياً عن تجربته الأولى في فيلم "حليم" التي ساعده فيها تواجد والده الممثل الكبير الراحل أحمد زكي، والحالة العاطفية لظرف وفاة الأخير خلال أدائه لدوره في الفيلم، فضلاً عن استناد الاثنين في عملهما على شخصية وذكرى وأغاني الفنان عبد الحليم حافظ، واقتراب عملهما من التقليد لشخصية معروفة، أكثر من كونها ابتكاراً لشخصية كاملة وجديدة، وبناء على ذلك يمكن مناقشة تجربة هيثم زكي في "البلياتشو" باعتبارها الأولى له في عالم التمثيل، وأظن أن أكبر ظلم تعرّض له زكي الصغير هو تحميله فوراً عبء بطولة مطلقة بدون أن يمر بتدرجات الأدوار الثالثة والثانية والمشتركة قبل وصوله إلى تقديم الدور الأول.أما الاشكالية الثانية التي يطرحها فيلم "البلياتشو" على مشاهده، فهي تخص تقريباً أغلب الأفلام المصرية التي تنتج حالياً، والتي تعتمد على الاستسهال في الكتابة والتمثيل والإخراج، إلى الدرجة التي لم يعد فيها الشعور بالحاجة إلى إقناع المشاهد مهماً لدى أيٍ من ممارسي هذه المهن الثلاث، فلا يفكرون في الإجابة عن سؤال قد يطرحه طفل صغير على والده عن كيفية قيام البلياتشو مثلاً (الذي يجسده هيثم زكي) بالاتصال من هاتفه الجوال والاحتفاظ بأرقامه رغم نزوله في الماء وسباحته وهو في جيبه، ناهيك عن إقناع مشاهد سرقة الخزن التي تتم بسهولة تناول كأس من الشاي، وهذا إذا لم نتناول الأحداث المفككة التي تفتقر للمنطق في بنية قصة فيلم "البلياتشو" بكاملها، وهو ما ينسحب على تسعين بالمائة من سيناريوهات وأساليب تنفيذ الأفلام المصرية التي تنتج حالياً.لن أعيد كلاماً سبق وكتبته سابقاً عن أفلام مصرية تناولتها في هذا التقرير، رغم أن فيلم "البلياتشو" يثير نفس الأسئلة التي تثيرها تلك الأفلام حول الوضع المتردي الذي تعيشه السينما المصرية منذ أكثر من عشر سنوات وحتى اليوم، من دون أن يعني كلامي تعميماً يتجاهل بعض الأفلام الجيدة التي تظهر بين فترة وأخرى وتتحول مع زيادة عدد الأفلام الرديئة إلى عملة نادرة، ففيلم "البلياتشو" عمل مفكك درامياً، أحداثة تفتقر إلى الإقناع إلى الحد الذي أظن فيه أن مؤلفه ومخرجه عماد البهات، استخدم أسلوباً مبتكراً في عالمي التأليف والإخراج باعتماده أسلوب التحايل على ممثليه وتخجيلهم لأداء أدوارهم، وربما كانت حجته الأكثر إقناعاً لهم هي الوفاء لذكرى زميلهم المرحوم أحمد زكي من خلال مراعاة وجود ابنه في الفيلم، وأكاد أكون على يقين من أن اسم أحمد زكي هو أبرز الحاضرين في الفيلم رغم غيابه حتى بالنسبة لمشاهده، أما على صعيد التمثيل فيمكننا أن نتحدث عن مدرسة اللاأداء التي جسد من خلالها هيثم زكي شخصية البلياتشو، وعن تكرار فتحي عبد الوهاب للدور العصبي الذي سبق وقدمه في فيلم "أحلام حقيقية" مع فارق وحيد تمثّل في استخدامه للتدخين في ذلك الفيلم في حين يستخدم السكر في "البلياتشو"، وتناوب أداء الشخصيات الأخرى لأدوارهم بين الوجود الشرفي كضيوف، وهذا ينسحب على أحمد راتب وعزت أبو عوف ودينا، وبين الكاريكاتورية المبالغ فيها لكومبارس مبتدئين أدوا أدوار ضابط الشرطة ووكيل النيابة، وسواهم من الذين ظهروا في الفيلم في مشاهد كانت مهمتها لا تتجاوز الديكور الذي سيظهر فيه هيثم زكي خلال الفيلم.أخيراً، أكثر فكرة ألحت على عقلي خلال مشاهدتي للفيلم تمثلت بسؤال عن موقف فنان كبير بحجم أحمد زكي من احتراف ابنه لمهنة التمثيل لو قدّر له مشاهدة فيلم "البلياتشو"
؟
!

No comments: