Wednesday, February 27, 2008

Caramel
سكر بنات .. فيلم مبهج و مهم‏ و لكن ينقصه شيء ما‏
27/02/2008
المصدر: جريدة الاهرام - كتب نادر على


يمثل فيلم سكر بنات خطوة هائلة في تاريخ صناعة الأفلام اللبنانية‏,‏ فليست هناك صناعة سينما في لبنان ـ سواء بالمعني الدقيق أو التقليدي ـ إنما هناك اجتهادات لصناعة أفلام وهي قليلة ومتعثرة وتعتمد علي الدعم المباشر من جهات مختلفة في أوروبا‏..‏ وقد ظهرت أفلام قليلة حلقت باسم مخرجيها في المهرجانات الدولية‏,‏ ولكن ظل حظها من العرض التجاري أو الجماهيري بائسا‏!..‏ لذلك أشرت ان فيلم سكر بنات يعتبر خطوة مختلفة ومتقدمة لهذه السينما‏,‏ فقد انطلق بين مهرجانات كان وأبوظبي ودمشق والقاهرة ودبي وغيرها‏..‏ وفي نفس الوقت عرف طريقه لصالات العرض العربية والعالمية‏,‏ وهي حادثة نادرة وغير مسبوقة‏.‏يعد سكر بنات الفيلم اللبناني الثاني الذي يعرض في مصر في الفترة الأخيرة بعد فيلم بوسطة الذي لم يحقق أي نجاح تجاري يذكر‏!...‏ أما تجربة المخرجة اللبنانية جوسلين صعب في فيلم دنيا فقد عرض بوصفه فيلما مصريا‏!..‏ وكان دعم الاتحاد الأوروبي للفيلمين اللبناني بوسطة وسكر بنات وراء عرضهما بمصر‏!..‏ ومن المهم الإشارة إلي أن الأيام الأولي لعرض سكر بنات شهدت استقبالا جماهيريا معقولا جدا ربما بسبب الدعاية الهائلة التي أحاطت بالفيلم منذ عرضه بمهرجان كان‏,‏ وفوز ممثلاته الأربع بجائزة التمثيل في مهرجان دمشق وابوظبي‏.‏نأتي إلي الفيلم نفسه سكر بنات للمخرجة نادين لبكي‏,‏ وهي اسم معروف في عالم الأغاني العربية المصورة الفيديو كليب وكانت من أسباب نجاح أغاني المطربة نانسي عجرم تحديدا‏,‏ وهي مخرجة تملك خيالا وموهبة ملفتين‏..‏ وفي أول أعمالها السينمائية سكر بنات نجحت في صناعة فيلم مبهج‏,‏ ومصنوع بمهارة تجنح به نحو التلقائية والبساطة المحببة فنيا‏,‏ كما أنه يحمل مساحة من الجرأة في المعالجة‏.!‏تدور أحداث الفيلم الذي لايقوم علي دراما الحدوتة بقدر ما يعتمد علي التفاصيل والمشاعر الخاصة حول‏5‏ سيدات أو آنسات‏..‏ الأولي نادين لبكي نفسها‏(‏ ليال‏)‏ التي شاركت في كتابة السيناريو مع جهاد حجيلي ورودني الحداد‏,‏ وهي فتاة تعدت الثلاثين‏,‏ جميلة‏,‏ علي علاقة برجل متزوج وتحبه وهي بالنسبة له ليست أكثر من نزوة‏,‏ وهذا الرجل يظهر في الفيلم مرتين دون ان نتعرف علي ملامحه‏,‏ بينما نري زوجته وابنه والصراع الذي يجتاح ليال من أجل استمرار علاقتها به حتي لو تعرضت للمهانة‏..‏ وفي نفس الوقت يغرم بها ضابط المرور الذي تروضه علي طريقتها‏(‏ مشهد حلق شاربه‏).‏وهناك نسرين الفتاة التي تنتظر يوم عرسها‏,‏ ولكن كان لها تجربة سابقة مما جعل الأمر يتطلب إجراء عملية ترقيع غشاء البكارة‏..‏ والثالثة ريما التي لاتهوي الرجال‏,‏ وتشعر بالميل نحو إقامة علاقة شاذة‏..‏ والرابعة جمال تعيش مرحلة سن اليأس بعد أن تركها زوجها من أجل فتاة صغيرة وتعمل كموديل إعلانات‏..‏ أما الخامسة فهي روز المرأة التي اقترب عمرها من الستين وتعمل خياطة وترعي شقيقتها الكبري لي لي الذي ذهب الكبر بعقلها‏,‏ وهذه الشخصية الأخيرة قدمها الفيلم بحميمية مدهشة وجميلة‏.‏يصنع سكر بنات من هذه الشخصيات حالة سينمائية مثيرة للتأمل‏,‏ ولاتكاد هذه الشخصيات تغادر مكان العمل الكوافير أو صالون التجميل إلا للضرورة الدرامية‏..‏وحوار الفيلم لايميل الي الثرثرة أو الحكي وتلعب الصورة الدور الأساسي في نقل المشاعر من خلال الملامح وحركة الشخصية والاضاءة‏,‏ اننا في عالم مبهج لشخصيات من دم ولحم تطل علي المجتمع اللبناني من خلال الدين والسلوكيات والمفاهيم دون ان تجنح للمباشرة‏..‏ ولكن إهمال الطرف الآخر في صراع هذه الشخصيات الرجل ادي الي تسرب الملل للأحداث‏,‏ والتكرار لبعض المواقف‏..‏ وبكل تأكيد ارادت المخرجة ان ترصد مشاعر هذه الشخصيات النسائية‏,‏ وان يكون دور الرجل هامشيا في الأحداث‏,‏ ولكنها لم تقدم الأحداث المشبعة التي تجعل الفيلم يحتفظ بحيويته برغم ما يتمتع به من طزاجة‏.‏إن فيلم سكر بنات أو كراميل وهو الاسم الفرنسي للفيلم‏,‏ والذي يعني هذه العجينة التي تتكون من سكر وليمون وتستخدمها المرأة لإزالة الشعر الزائد‏..‏ يعد عملا فنيا مهما في مسار السينما اللبنانية‏,‏ ومبهجا في صناعة عالم سينمائي خاص له أجواؤه وإشعاعه لونا وتكوينا وفي حركة الكاميرا أو استخدام الموسيقي‏..‏ وهو من الأفلام النادرة التي تخطت موضوعاتها سرد اجواء الحرب اللبنانية‏..‏ انه عمل يستحق المشاهدة فعلا‏!‏
المصدر : جريدة الأهرام - نادر عدلى

No comments: