Sunday, March 9, 2008


جريمة شارع 18 الزائفة
03/09/2008

source: egypty.com
نقلا عن جريدة الوفد - كتب محمد شكر

بناء درامى بسيط.. وشخصيات تقليدية
رياح خريفية هادئة تتلاعب بأوراق الأشجار التي تحيط جانبى شارع 18 بمنطقة المعادي.. الكاميرا تتابع سقوط الأوراق الذابلة في فضاء الشارع المظلم قبل أن تشتبك بغصن جاف وتنسحب إلي إحدى بنايات الشارع وتستعرض غرفة تتناثر فيها روايات (أجاثا كريستي) البوليسية حتي تستقر علي خيط من الدماء يسيل علي كف أنثوى قبل أن ينسحب عائداً إلي صاحبته.

بهذه اللقطات الناعمة تبدأ مشاهد فيلم - شارع 18 - الذي كتب له السيناريو عمر شامة وأخرجه حسام الجوهرى في أولى تجاربهما السينمائية والذي ينتمى لنوعية أفلام الإثارة والتشويق والتي تعتبر النوعية الأكثر صعوبة في تنفيذها والأكثر جذباً للجمهور. إذا ما قدمت بشكل جيد ويقف »هتشكوك« علي رأس قائمة المخرجين الذين تميزوا بتقديم هذه النوعية الصعبة من الأفلام وأكثر ما ميز أفلام هتشكوك هو بحثه الدائم عن ردود فعل غير تقليدية لشخصياته لتحقيق التشويق ليس علي مستوي الألغاز وإخفاء الحقائق فقط، ولكن من خلال التفاصيل الدقيقة في بناء الحدث الدرامي والشخصية. وإذا ما نظرنا إلي فيلم »شارع 18« سنجده يعتمد علي لغز تتكشف تفاصيله في نهاية الفيلم.

بالكشف عن اللعبة التي صنع أطرافها جريمة قتل رائفة لتفادى جريمة قتل حقيقية والإيقاع بمرتكبها، وإذا كان السيناريو نجح في صنع جريمة وأخفى مرتكبها للنهاية فقد فشل في صنع خصوصية للشخصيات المشاركة في العمل، فالملامح تشابهت بحيث لا نستطيع الإمساك بتفصيله تميز شخصية عن غيرها من الشخصيات باستثناء دنيا سمير غانم التي أعطاها الدور مساحة من الاختلاف استفادت منه وقدمت من خلاله شخصية تسعي للتفلت من حالة الكبت والقهر الذي يحاصرها باتزان وفهم وحساسية شديدة نجح عمر شامة في رسمها خاصة مع ارتباط شعورها بالخوف بخيط الدم الذي يسيل من أنفها بلا إرادة منها.

والجميل في العمل هو اعتماد مخرجه حسام الجوهرى علي الصورة للتعبير عن الحدث الدرامي، وقد اختزل مساحة كبيرة من الحوار باستخدام الفوتومونتاج. ولكن بعض المعلومات التي أراد السيناريو كشفها عن الشخصيات جعلته يلجأ إلي تقديم هذه المعلومات من خلال منولوجات طويلة علي ألسنة الشخصيات وبعيداً عن الخوض في قصة الفيلم وكشف أحداثه، فقد افتقد »شارع 18« التعقيد الذي يميز هذه النوعية من الأفلام ويدفع المشاهد للهاث خلف الحدث الدرامي دون أن يحصل علي إجابة عن الأسئلة الكثيرة التي يقدمها العمل و لا يجيب عنها إلا في النهاية، فرغم تحكم عمر شامة في الخيوط الدرامية، إلا أن الأحداث لم تكن مركبة، كما كان متوقعاً، بل جاءت بسيطة لا تحمل تفاصيل جديدة بين النقلة الدرامية والأخري، وعلي الرغم من هذا فالفيلم يعتبر جيداً مع اعتباره التجربة الأولى لصانعيه، كما أنه يرسخ أقدام هذه النوعية من الأفلام في السينما المصرية والتي بدأت في تقديم نوعيات جديدة ومختلفة لم يكن من بينها هذه النوعية باستثناء فيلم »45 يوم« للمخرج أحمد يسري والذي عرض العام الماضى.
وإلي جانب التعبير البصرى للمخرج حسام الجوهرى في فيلم »شارع 18« وصورة أحمد جبر الصافية تلعب موسيقى عمرو إسماعيل دوراً محورياً في العمل يساعد علي كشف انفعالات الشخصيات، ورغم أن البطولة الجماعية هي ما تميز هذا العمل، إلا أن أداء الممثلين تباين من حيث الضعف والقوة، فقد قدم أحمد فلوكس دوراً مختلفاً عن تجربته في فيلم »علاقات خاصة« وعبر عن الشخصية التي يجسدها بشكل جيد باستثناء مشهد المطاردة الأخيرة الذي تذبذب فيه بين اللعبة التي يشارك فيها وبين مشاعره تجاه حبيبته، فجاء أداؤه محايداً لا يميل إلي هذا أو ذاك، وبالنسبة لميس حمدان فقد كانت مقبولة إلي حد ما مع اختلاف دورها عن الأدوار القليلة التي قدمتها في السينما، بينما قدم أشرف مصيلحي شخصية ضابط الشرطة بخبرة وفهم، وجاء عمر حسن يوسف في أولى تجاربه السينمائية جيداً إلي حد كبير واستطاع المخرج قيادته بوعي خاصة في الجزء الأول من الفيلم الذي استطاع فيه رسم صورة جامدة علي وجهه لا تكشف عن مشاعره أو ما ينوي فعله. أما محمد ظاظا فقد كان جيداً إلي حد ما.

ومن النجوم الكبار قدم سامي العدل شخصية الأب المتسلط بقدرة وفهم وخبرة كبيرة أثبتت قدرته علي العطاء وميزته في المشاهد القليلة التي ظهر من خلالها، بينما قدم سامح الصريطى دوراً عادياً لم يبذل فيه جهداً كبيراً، كما لم ينجح المخرج في الاستفادة من موهبته الأصيلة واستخدام كافة أسلحته كممثل في هذا الدور، كما جاءت مشاركة سلمي غريب هامشية، حيث قدمت دورها الصغير جداً بهدوء واتزان يليق بممثلة تحتاج إلي مساحة أكبر للكشف عما تحمله من قدرات وخبرات تمثيلية حقيقية.
المصدر : جريدة الوفد - محمد شكر

No comments: