Wednesday, March 12, 2008


شارع 18 .. لعبة بوليسية غير مزعجة‏..‏ كانت تستحق من يحتضنها
12/03/2008
source: egypty.com
نقلا عن جريدة الاهرام - نادر عدلى
برغم كل ما يمكن رصده من اخطاء لم تجعل فيلم شارع‏18‏ مسليا بدرجة كافية‏,‏ إلا اننا أمام تجربة فيلمية جادة‏,‏ وغير مزعجة‏,‏ وتستحق ان نشجعها‏!..‏ فهو فيلم بوليسي تشويقي عن جريمتي قتل مفتعلتين‏,‏ والمشاهد يصدقهما لحين‏,‏ ويتجاوب مع الأحداث‏,‏ ولكن الفيلم لا يشبع فضوله‏,‏ وينهي لعبته بشكل مفاجيء‏,‏ وينتقل من لغة الصورة إلي اسلوب الحكي‏..‏ فتخسر التجربة الكثير‏.‏ما يميز شارع‏18‏ أنه محاولة من مجموعة شباب يحاولون اثبات وجودهم‏,‏ وأنهم جادون بدرجة كافية‏,‏ وأنهم يملكون قدرا من الحرفية والخيال‏,‏ فليست هناك اخطاء معيبة أو ساذجة في الصورة أو حركة الكاميرا والاضاءة‏(‏ تصوير أحمد جبر‏),‏ واختيار اماكن التصوير والديكور جيد في اطار ما هو متاح انتاجيا‏(‏ ديكور تامر إسماعيل‏),‏ والمونتاج‏(‏ معتز الكاتب‏)‏ يملك حساسية الانتقال بين المشاهد في إطار تشويقي سواء في تتابع اللقطات أو العودة إلي الوراء‏(‏ الفلاش باك‏),‏ وتوظيف الموسيقي‏(‏ عمر إسماعيل‏)‏ والمؤثرات لا بأس به‏..‏ واعتقد انه من المهم ان أشير إلي كل هذا بعد أن تسللت إلي شاشات العرض في الشهر الأخير ثلاثة أفلام تفتقر إلي الحد الأدني من الحرفية‏,‏ وضعف المخرجين في توظيف ادواتهم بشكل صحيح‏,‏ برغم ان اثنين منهم لهما تجارب سابقة‏,‏ وتعرفها سوق السينما بانهما مخرجان محترفان‏!.‏إذا انتقلنا إلي المعالجة والسيناريو والحوار للمؤلف الشاب عمر شامه‏,‏ فأننا نجد بعض الاجتهاد والتجديد‏,‏ حيث ان معالجة الفكرة نفسها علي اطار العاب الذكاء البوليسية التي لا يكون الأداء الحركي والمعارك والمطاردات هي همها الأكبر لجذب المشاهدين‏,‏ وهذا جانب ايجابي بالفيلم‏,‏ ولكن المشكلة هذا الحرص من المؤلف والمخرج بالطبع علي اثبات أنهما أكثر ذكاء من المتفرج دون ان تكون لهما الخبرة الكافية‏,‏ فقامت المعالجة علي اسلوبين مختلفين في تقديم فيلم بوليسي أو تشويقي‏..‏ الجانب الأول يهتم بشخصية أية‏(‏ دنيا سمير غانم‏)‏ التي تحاصرها الوحدة وقهر الأب ورغبتها في التغلب علي الخوف بداخلها‏(‏ تقرأ روايات اجاثا كريستي‏),‏ ويبرع الفيلم في ايجاز حالة ايه بهذه الدماء التي تسيل من أنفها عندما يحاصرها الخوف‏,‏ وهذه الشخصية في الدراما البوليسية ليست الا شاهد علي الجريمة‏,‏ وليست لاعبا اساسيا فيها‏,‏ أي أن اطراف اللعبة البوليسية يستخدمونها ليس الا‏.‏علي العكس نأتي لاطراف اللعبة البوليسية الاخ‏(‏ احمد فلوكس‏),‏ والأخت‏(‏ ميس حمدان‏),‏ والحبيب‏(‏ عمر حسن يوسف‏)‏ ثم العم‏(‏ سامح الصريطي‏),‏ فنجد الفيلم يهرب من الاقتراب من تحليل شخصياتهم ويتعامل معهم من الخارج علي اساس ان دوافعهم لهذه اللعبة هي الصراع علي الميراث‏,‏ وحرص علي تقديمهم طول الوقت في اطار من الغموض الذي سرعان ما ينهار عند كشف حقيقة اللعب عن طريق الحكي ومتابعة ضابط المباحث لهم‏(‏ اشرف مصيلحي‏),‏ وبالتالي تتراجع قيمة الصورة ودرجة التشويق‏.‏هذا الخطأ يعود إلي منتج الفيلم محمد العدل‏,‏ فقد تكون ايجابيته الحقيقية في منح الفرصة لهذا الفريق الشاب‏,‏ ولكن خبرته‏(‏ كمنتج كبير‏)‏ كان يجب أن تتوقف أمام معالجة السيناريو‏(‏ كما يحدث في الاستوديوهات الكبري في العالم‏)..‏ كما أن خوفه من التجربة انتاجيا جعله يعجل بنهاية الفيلم‏(85‏ دقيقة‏)‏ بثلاث لقطات لابطال الفيلم تحدد مسارهم بعد ذلك عن طريق ثلاثة صور وصوت راوي‏!‏يقدم هذا الشريط المخرج الشاب حسام الجوهري كفنان له رؤية سوف تتعمق مع الوقت والخبرة‏,‏ ويملك ادواته‏..‏ كما يقدم وجوها جديدة واعدة بكل تأكيد‏,‏ حيث ان دنيا سمير غانم وجه معبر وجميل وتلقائي الأداء في بساطة‏,‏ وأحمد فلوكس ممثل مجتهد يحتاج إلي توجيه مستمر‏,‏ وميس حمدان التي يميل اداؤها للانفعال احيانا ولكنها وجه سينمائي مقبول‏,‏ وعمر حسن يوسف الذي يحتاج إلي تدريبات تكسبه مرونة الأداء ولكنه وجه صالح سينمائيا‏..‏ أما أشرف مصيلحي فهو في حاجة إلي فرصة اكبر ومساحة تمثيلية أهم لاثبات وجوده‏..‏ وافتقد اداء الممثلين المخضرمين سامي العدل وسامح الصريطي للجدية الكافية‏,‏ ولا أريد أن اقول انه اتسم بالتعالي علي هذا الفريق الشاب‏.‏شارع‏18‏ فيلم بوليسي مختلف‏,‏ يتصدي لتقديمه مجموعة من الشباب الجاد‏,‏ والصورة في السينما لا تكذب‏,‏ ولكنها دائما تحتاج إلي المنتج الذي يجملها ويحتضنها‏..‏ وهذا ما حاول محمد العدل ان يفعله ولكنه يظل يخشي المغامرة في هذه التجربة طوال الوقت‏!.‏المصدر : جريدة الأهرام - نادر عدلى

No comments: