فيلم زى النهاردة
المصدر: جريدة الجمهورية
9- 10 - 2008
مازالت السينما المصرية تفرز أعدادا تتوالي من صناعها الشبان في كل التخصصات.. فرغم زحام الأعياد وما تتطلبه المناسبة من فرقعات..
إلا أن السينما "المغامرة" عندنا مازالت تصيبنا بالدهشة.. بتقديمها لأكثر من تجربة أولي لمبدعيها!! يجيء فيلم "زي النهاردة" الاجتماعي التشويقي كمحاولة أولي لمخرجه الشاب عمرو سلامة وهو كاتب السيناريو أيضاً.. وكعادة الشباب وحماسهم للتجارب الجديدة .. اختلطت أنواع السينما في التجربة الواحدة.. ورغم ما يبدو في الظاهر أن هذا يصب في مصلحة العمل ومن ثم الجمهور الذي يشاهده. إلا أن الخبرة مازالت غائبة عن كثير من هذه المحاولات.. بسبب التسرع في انجاز العمل الأول للمخرج من ناحية. والحماس الزائد لقول كل شيء في الفيلم الواحد من ناحية أخري.. مع أن السينما أبسط من هذا لو تم التركيز علي حالة واحدة واستيفائها من كافة أوجهها.. وقتها تكون اللوحة أوضح في قراءتها وأمتع في رؤية تفاصيلها!! إننا نعيش مع الفتاة مي "بسمة" التي لديها ملكة التوقعات من خلال اهتمامها بالتواريخ وكتابة المذكرات لرصد الأحداث اليومية التي تمر بها.. يتصادف أن تقع في حب شاب "نبيل عيسي" يبادلها نفس الهواية وتخطب له. ولكنه يموت في حادث وهو يركض خلف شقيقها المدمن "آسر ياسين" وتعيش مأساة فقدانه.. بعدها تتعرف علي شاب آخر "أحمد الفيشاوي" الذي يعمل ممثل اعلانات ويتقدم نحو السينما.. وتتداخل معها نفس تواريخ المقابلات وتتردد أسماء شهور بعينها مثل فبراير وأكتوبر وديسمبر.. وتزداد مأساة الفتاة بملاحظاتها علي أحداث تتكرر بنفس الصورة من خطيبها الأول إلي الثاني.. وتتأرجح علاقتها معه ما بين الابتعاد والاقتراب حتي تفتديه بنفسها. ومع ذلك نجده يقترب من نفس المصير في نهاية بليغة!! بالفيلم محاولة اجتهاد واضحة للمخرج المؤلف. ولكنها محاولة مجهدة أيضاً.. فالشخصية الرئيسية للبطلة كانت تحتاج لعناية أكثر من ذلك لتوضيح طبيعة الحالة التي عليها.. والتي اختلطت ما بين القدرة الخارقة وبين المرض النفسي.. كما اختلط الحابل بالنابل بين تدوين الوقائع في المذكرات وبين قراءة الغيب أو الاحساس به. وكان العمل بالفعل يحتاج إلي استشارات طبية ونفسية عديدة أغفلها الفيلم للأسف! حاول المخرج -رغم صبيانية الكاميرا أحياناً- تقديم صورة بصرية تتوافق مع النص لدعم الموقف الدرامي. مثل مشهد اتجاه الساعة واتجاه الكادر علي البطلة بنفس اتجاه العقارب.. أو الصورة البشعة لإظهار عالم الإدمان لشقيقها وفتاته "أروي" في مشاهد كثيرة ومتتالية أخرجت المتلقي عن متابعة القضية الأساسية للفيلم.. وهي غارقة في السواد بهدف إظهار أسوأ صورة للمدمنين قد تفيد الشباب بالفعل! ولكن من ناحية أخري كانت هناك مشاهد متضاربة مع المحتوي مثل تعمد إظهار صورة تجمع بين الخطيبين وكأنهما أخوة أو أصدقاء. مع أن توقعاتها مع أناس غرباء تكون أكثر تأثيراً.. كذلك الاختيار السييء لتاريخ 6 أكتوبر في الحكاية. كما بدا الممثلون في أفضل حالاتهم باستثناء بعض المشاهد للفيشاوي وهو يؤدي بصوت مفتعل. وهو ما أؤكد علي أهمية خبرة المخرج في إدارة العمل!! أهم ما في الفيلم أنه من انتاج أحد العاملين في الحقل السينمائي.. وهذا ما أدعو إليه دوما من أن أبناء المهنة أولي بها وأقدر.. والأهم هو الاستمرارية!!
No comments:
Post a Comment