Saturday, December 29, 2007

خليج نعمة .. فيلم فشل مؤلفه في سرقته
29/12/2007

masrawy.com : المصدر

«خليج نعمة» فيلم فشل مؤلفه في سرقته من فيلم جوليا روبرتس «النوم مع العدو»الفيلم اختار أجواء أفلام الكوبا كابانا بالاس الإيطالية التي اختفت منذ أربعين عاما حيث المغامرات العاطفية السريعة ونجوم الغناء الجدد والمايوهات البيكيني .

المؤلف يمارس هوايته في تكرار المواقف التي سبق ورأيناها في أفلام عربية قديمة مثل «غزل البنات» و«البحث عن فضيحة»لأن القصة الأمريكية المسروقة لا تصلح لجو الأفلام السياحية الذي اختاروه أصبح الفيلم فيلمين واحدا مليئا بالعنف والمطاردات غير المتقنة والثاني محشور بالأغنيات الخفيفة السطحية والنتيجة شيء لا علاقة له بفن السينمانعم اسمها أفلام الكوبا كابانا بالاس..
هذه الأفلام التي انتشرت في السينما التجارية الإيطالية في الستينيات التي تدور أحدثها في المصايف حيث المغامرات الشبابية السريعة، سرعة التهام شطائر الوجبات الجاهزة، تعتمد دوما علي نجوم الغناء والطرب، وممثلين جدد يعملون لأول مرة، تمتلئ بالمايوهات البيكيني، وما يسمي بالمغامرات العاطفية السريعة، والفاتنات اللاتي لا يمكن أن تراهن سوي في شواطئ كابري، وكوبا كابانا، وهو اسم أشهر هذه الأفلام علي الإطلاق.مع أزدهار السياحة في شرم الشيخ، انتشرت هذه الأفلام في السينما المصرية، لدرجة أن صارت هذه المناطق السياحية هي الوجه الوحيد للبلاد في أغلب الأفلام، وآخرها، «خليج نعمة» لمجدي الهواري، الذي تنطبق عليه جميع سمات فيلم الـ «كوبا كابانا» سبع أغنيات تفتقد إلي الحس، وفتيات جميلات بالبيكيني وما شابه، وقصص حب تتولد سريعا، وبشكل متواز بين أبطال الفيلم، يخوت، وفنادق، وملابس خفيفة، وشباب لا يكف عن الرقص، ومضاجعة الأجنبيات، ومغامرات سريعة.سرقة أمريكانيوقد مزج كاتب الفيلم هذه الأجواء، بقصة فيلم أمريكي قامت ببطولته جولياروبرتس منذ خمسة عشرعاما باسم ، وأخذ من الحدوتة ما يناسب فيلمه، ثم قام بحشر قصة أخري حول ثلاثة شباب طموحين، خسروا أموالهم، وذلك من خلال عملية إرهابية في شرم الشيخ استهدفت المول الذي به بضائعهم التي رصدوا لها الأموال، هؤلاء الشباب البسيط، يقيمون في فندق فخم لا يتناسب في البداية مع المستوي الاجتماعي لهم، خاصة أن أحدهم «فهد» هو ابن قبيلة سيناوية ليس في حاجة إلي الإقامة في الفندق.قصة الفيلم الأمريكي، تدور حول زوج متغطرس يتعامل مع زوجته الشابة بقسوة شديدة، وفي أثناء رحلة في جو عاصف، تسقط الزوجة في الماء، وتذهب إلي المدينة، تعيش تجربة عاطفية جديدة، وبعد عدة أشهر، يذهب الزوج للسؤال عن أم زوجته التي تصورها ماتت، فيكتشف أنها لا تزال علي قيد الحياة، ويطاردها مطاردات مليئة بالعنف، والتخويف.كل ما فعله البيه هنا، أنه جعل الزوج هو الذي يسقط في المياه، أثناء العاصفة، وهو ينجو بالأسلوب نفسه، ويقرر أن يبحث عن زوجته، فيأتي إليها في شرم الشيخ، ويحول حياتها إلي جحيم، لكن المطاردات هنا مصطنعة، وقصيرة قياسا إلي الفيلم الأمريكي.القصة التي اقتبسها أحمد البيه، لا تصلح بالمرة أن تنتمي إلي أفلام الكوبا كابانا بالاس، لذا صنع فيلما داخل فيلم، الأول مليء بالعنف والمطاردات والثاني محشور بالأغنيات مما يوحي ويؤكد أنه ليس هناك فيلم بالمرة لذا لم تختلط الحكايتان معا، وبدت هناك هوة ملحوظة بين قصة الزوجة التي مات زوجها، وسعت للعودة من تركيا، حيث عاشت مع زوجها شاهر وبين هذه الأجواء التي وجدت نفسها فيها.هي أفلام سياحية في المقام الأول تركز فيها الكاميرا بقوة علي كل ما هو بديع في هذه الأماكن، الشواطئ، ونساء البيكيني، والفنادق، وحفلات الرقص، والأغنيات، وأيضا سفاري الصحراء، ومشاريع سياحية، وعلاقات عابرة، وشاب يعزف علي نافذة الفتاة التي يحبها، لدرجة الإزعاج، ويغني كثيرا مع زميله طارق لدرجة إزعاجنا نحن المشاهدين.

ومثل هذا النوع من الأفلام له جمهوره، جمهور الكوبا كابانا بالاس، الذين يذهبون إلي تلك الأماكن السياحية فقط من خلال مشاهدة فيلم سياحي، تتضمن ثلاث قصص حب ساذجة، سذاجة القصة المختلفة المضافة، تتحول فيها المشاعر بشكل مفاجئ، مثلما قرر فهد أن يتزوج من ابنة عمه، الفتاة البدوية السيناوية، زينة، وهو الذي تعلق دوما بفتاة هولندية تدعي زينة، لم نرها سوي في مشهد واحد، وهي تراقص أكثر من شاب، فقد قرر هذا الشاب الأبله ـ في نظري ـ أن يتزوج من ابنة عمه هذه، بدون أي تبرير.
سرقات قديمة وهناك الكثير من القصص الجانبية المحشورة في هذه الأفلام، التي يتم حل مشاكلها بسرعة، مثل تغيير موقف الأم رقية من طارق الذي يود الزواج من ابنتها، فهو مجرد مقيم بصفة دائمة في الفندق، وفي أحد المشاهد يتجمع أغلب أبطال الفيلم لإقناع الأم أن توافق علي هذه الخطبة، وتقبل المرأة عن طيب خاطر، دون جملة حوار واحدة تستخدم فيها منطق الجدل..في مثل هذه القصص التي تنتمي إلي الكوبا كابانا، فإن المشاهد يري الكثير من المواقف التي سبق أن رأها عشرات المرات في أفلام سابقة، لدرجة الاستهلاك، كان يدخل طارق إلي حبيبته ليلا، حاملا باقة ورد، ويقف أمام سريرها، ويبوح لها بكلمات حب رائعة، ثم يذم في أمها، ونكتشف أن النائمة هي الأم نفسها، التي تثور لأن طارق دخل غرفة ابنتها في مثل هذه الساعة من الليل..
تري كم مرة سبق أن شاهدنا مثل هذه اللقطات في أفلام من طراز «غزل البنات» و«البحث عن فضيحة» مع اختلاف جمل الحوار، والتفاصيل.أي أن القصة الإضافية التي أضافها الفيلم ليست أكثر من تجميعات لمشاهد سبق أن رأيناها في أفلام أخري أشهرها «شورت وفانلة وكاب» مع الاستفادة من عمل سبعة كليبات لمثل هذا العدد من الأغاني، ابتداء من أغنية «حلوة يا بلدي» التي اعتمد عليها الفيلم، والتي غنتها جالا مع عمر في أول خروج لهما إلي مول سياحي.ويمكن حصر عدد المرات التي عزفت فيها السينما المصرية علي ما يسمي بالثلاثي، أي أن هناك ثلاثة أصدقاء تجمعهم الظروف ليكونوا أبطالا للفيلم، هناك قصة رئيسية في الفيلم لكن هؤلاء الثلاثة، دائما من الشباب، لكل منهم قصة حب يعيشها، تنتهي دائما نهاية سعيدة، ويبدو أن لهذا الثلاثي سحره الخاص ليس فقط في السينما بل في الأدب، ابتداء من «الفرسان الثلاثة»، عند ديماس ـ كانوا بالفعل أربعة وليسوا ثلاثة ـ وحتي «خليج نعمة».وقد حاول الفيلم مخاطبة الناس بشكل زاعق، خطابي، مثل الكلام الذي يردده الشيخ جميع رئيس القبيلة عن الإرهاب، مرددا جملا تكتب في دفاتر الإنشاء، «الله يجازي اللي عايزين يضرو بلدنا» كما أن المعركة بين الشرطة والإرهابيين، بدت في نهاية الفيلم، أشبه بلعبة القناص في الموالد، فنحن لم نر سوي أشخاص يطلقون رصاصا لا أكثر، يسلمون أنفسهم للشرطة، بدون سابق إنذار، وهم يموتون بسهولة، في الوقت الذي تكون رصاصاتهم فشنك وهي تصيب فهد..
لذا، فإن مزج المعركتين في مونتاج واحد، معركة بين رجال الشرطة، والإرهابيين، وللعجب فإن فهد يحمل مسدسا، ويشارك الشرطة في إطلاق الرصاص، هذا المزج، كان لصالح الصراع الشخصي، بين جالا، وزوجها شاهر العائد من الموت، فقد بدا هذا الصراع حقيقيا، له قوة الحب، والغيرة، وغريزة الامتلاك التي يمتلكها شاهر تجاه زوجته، أما المعركة بين الشرطة والإرهاب، فبدت صناعية خالية من الحياة.مطاردات ساذجةورغم هذا فإن تنفيذ المطاردات قد جاء ساذجا فلا نعرف كيف خرج شاهر من الحمام الذي دخل إليه في الأتيليه الذي تملكه جالا، رغم أنه ليس هناك باب خروج، وقد صور الفيلم كأن شجاعة الدنيا قد استبدت بالزوجة، روح الشجاعة غير المبررة، وكأنها تناولت حبوب الشجاعة من بطل رواية «أرض النفاق» وهي تردد أنا فرحانة أنك رجعت، عشان أقول لك من غير خوف، أنت إنسان مريض، قلت ده بصراحة في مذكراتي»، ورغم رهافة جسدها، وسيطرته عليها، وهو العملاق، البالغ القوة، فإنها تتمكن من الإفلات منه، وتجري، فلا يتمكن أن يلحق بها، رغم أنها مطاردة أشبه ما تكون بين ديناصور، وغزالة.
كل ما ألفه المؤلف مفتعل، أي كل ما أضافه علي القصة التي اقتبسها، ففجأة وبينما شاهر يتعقب جالا زوجته، يظهر الطبيب النفساني يوسف، قادما من تركيا، في هذه اللحظة بالذات، حاملا معه العديد من الوثائق، التي تثبت أن شاهر علي قيد الحياة، بل وإنه مطلوب القبض عليه في العديد من قضايا التهريب العالمية، ولا شك أن هذا الوصول المباغت لن يحل هذه المشكلة بشكل عاجل، فهناك تكملة للقصة، لم نرها، عن كيفية الانفصال الرسمي لزوج لا يريد أن يطلق زوجته، لكن الفيلم يستسهل الحدوتة، ويبلغنا أن العفريت بح خلاص لم يعد له أي وجود، وأن الطريق سالك بين عمر وجالا، وهي التي حكت له قبل ذلك بقليل قصة زواجها، وغرق شاهر وسط العاصفة.لو أن كاتب السيناريو اقتبس فقط الفيلم الأمريكي «النو م مع عدو» لصنع عملا لا بأس به، لكن «خليج نعمة» مجرد فيلم سياحي مصنوع كي يشترك مطربان في الغناء معا، وهو حسب اعتقادي أول فيلم يصنع ثنائيا غنائيا من الرجالي، فحتي الثنائي الذي مثله دين مارتن ـ جيري لويس ـ لم يكن غنائيا، لكن الرهان هنا كان علي محمود العسيلي وأحمد فهمي، في أولي تجاربهما في التمثيل، وكانت النتيجة سلبية من حيث التمثيل، لذا سمعنا ورأينا ثماني أغنيات حشر بلا سبب، وكأنك تصنع سي دي لفيلم كليب، لا أكثر..
بصراحة. الكتابة عن هذه الأفلام مضيعة للوقت، وإهدار للصحفات التي تنشر فيها ومن الأشرف الخروج من الفيلم أثناء عرضه، وإذا كانت أفلام الكوبا كابانا بالاس قد تبخرت منذ قرابة أربعين عاما، فإن «خليج نعمة» قد يتبخر أثناء مشاهدته..
المصدر : القاهرة - محمود قاسم

No comments: