Saturday, August 9, 2008


أحمد حلمي يتفوق علي نفسه ويأسف للإزعاج
المصدر: جريدة البديل

09/08/2008
أذكي فناني جيله يحلق خارج السرب
كتب: نبيل سمير
الموهبة وحدها لا تكفي، هذا ما أكده النجم الشاب أحمد حلمي فقد استطاع الوصول إلي نقطة الالتقاء المهمة مع النضج الفني التي باتت حلم الكثيرين من أبناء جيله الذين يحاربون حتي يحدث معهم هذا الالتقاء وربما أحد أهم الأسباب في ذلك هو الاستسلام للوضع السائد من تردي نتيجة فرض سيطرة منتجين بعينهم علي الساحة سواء من ناحية الفكرة المطروحة أو من الناحية المادية التي تجبر النجوم التجاريين علي قبول أدوار لا ترقي لمستوي الفن السينمائي، ولكن العائد المادي أهم «من وجهة نظرهم» ولن أدلل علي ذلك بأمثلة فهي للأسف كثيرة وتكاد تتعدي نسبة 80% من الأفلام المقدمة سواء هذا الموسم أو مواسم سابقة، ولكن نتناول الآن الخط الإيجابي والذي نجح فيه ببراعة تستحق الإشادة الفنان أحمد حلمي خاصة بعد فيلمه الآخير والمعروض حالياً «آسف علي الإزعاج».معظم الجمهور قبل دخول الفيلم كان مؤهلاً نفسياً ومتحفزاً لاستنشاق جرعة هائلة جديدة من الكوميديا كما تعودها من أحمد حلمي في أفلامه السابقة والتي دائماً ما تكون بعيدة عن أي ابتذال أو ألفاظ ومشاهد خارجة تحسب له مما يجعل أفلامه تحصل علي أكبر قاعدة من المشاهدة الأسرية ولكن صدمة المشاهدين في فيلمه الأخير «آسف علي الإزعاج» لم تكن في عدم وجود كوميديا بل علي العكس هناك كوميديا رائعة وهي مزيج بين كوميديا الموقف والكوميديا الحوارية المكتوبة ولكن مصدر الصدمة الرئيسي في أنهم يرون لأول مرة أحمد حلمي يمثل التراجيديا بنفس مستوي أدائه الرائع للكوميديا والتي كانت مفاجأة لهم قد راهنت عليها كثيراً ولن أتناول أحداث الفيلم مثل بعض النقاد الذين يعتقدون أن كونهم نقادا يعطيهم الحق في «حرق» أحداث الفيلم مما يتسبب في خسائر ليست للمنتج فقط ولكن للمتفرج أيضاً الذي يجد متعته أثناء المشاهدة في بعض الغموض الذي ينتاب الأحداث مما يعطيه دوراً للمشاركة في أحداث الفيلم محاولاً الاستنتاج لما سوف يحدث في المشاهد القادمة وهذا تحديداً مهم جداً في «آسف علي الإزعاج».الأهم في هذا الفيلم هو ذكاء أحمد حلمي في اختياراته التي كانت سبباً رئيسياً في نجاح العمل بكل جوانبه، وهنا لا ننكر دور الشركة المنتجة التي وثقت في أحمد حلمي وفي اختياراته والتي غالباً لا تتركها لنجوم آخرين، فمع بداية أحداث الفيلم سوف يفاجئك أداء كل نجوم الفيلم كل في دوره حتي الأدوار الصغيرة التي لا تتعدي جملتين أو ثلاثاً والأهم من هذا هو أنك سوف تشاهد الفنان محمود حميدة في دور من أهم أدواره السينمائية وكأنك تشاهده لأول مرة، فهو يقوم بدور والد أحمد حلمي في الفيلم من خلال أداء جديد ومختلف ليس علي المتفرج فقط ولكن علي محمود حميدة نفسه، فهو ليس المارشال برعي ولا دكتور الجامعة مع هند صبري ولا الزوج المسيحي مع ليلي علوي ولكنه أب طيار وصديق لابنه، والجانب المشترك بينه وبين دلال عبدالعزيز زوجته ومنة شلبي أن الثلاثة أمام أحمد حلمي يضحكون بجد من قلوبهم وليس تمثيلاً وإن دل هذا علي شيء فهو براعة أحمد حلمي ككوميديان حقيقي متفرد عن غيره من نجوم الكوميديا.أما الاختيار الثاني بعد الممثلين فهو للمخرج خالد مرعي والذي علي الرغم من تأثره ببعض الأفلام الأجنبية في بعض لمساته الإخراجية إلا أنه يحسب له الخروج بهذا الفيلم من التقليدية الإخراجية التي أصبحت سمة واضحة لمعظم المخرجين الحاليين سواء في كادراتهم أو «الكلوزات» أو التدقيق في اللوحة السينمائية فها أنت تري خالد مرعي المخرج والمونتير سابقاً يتعامل مع الأشياء بدقة وواقعية شديدة ولا يتهاون مع أصغر الأشياء التي تراها داخل الكادر، وإن كان يدخل مدرسة سينمائية جديدة عليه وتتميز بصعوبة تنفيذها وهي «الرمزية» من خلال الأشياء بجانب الأحداث إلا أنه نجح في ذلك ببراعة شديدة تحسب له، وربما خبرته كمونتير متميز له دور كبير في ذلك وعندما تشاهد الفيلم حاول التركيز في موقف أحمد حلمي حيث كان ينظر إلي الشطرنج داخل غرفة المكتب وقد تحركت القطع البيضاء فقط ويعتلي أرضية الرقعة القليل من الأتربة ويحسب له أيضاً الحرفية في الحفاظ علي اللغز الأهم في النصف الأول من الفيلم والذي مهما كانت قدراتك الاستنتاجية فلن تتوقع هذه النقلة الخاطفة في النصف الثاني من الفيلم.ويشترك وبصورة أكبر في المحافظة علي «الرمزية» في الفيلم المؤلف أيمن بهجت قمر الذي مع نجاحه كشاعر غنائي استطاع أن يحفر اسمه بقوة كسيناريست استطاع «أيمن» كتابة سيناريو محكم يتخلله بعض الإسقاطات المهمة التي تعني الكثير مثل «هي الناس بطلت تضحك ليه يا ريس» وجملة محمود حميدة لأحمد حلمي «وما تقوليش مصر هي أمي أمك راقدة جوة» فتغذية السيناريو بمثل هذه الإسقاطات دون حشرها لا يستطيع أن يفعلها إلا سيناريست متميز ومتمكن وكان في صالح الفيلم أيضاً الأغنية التي كتبها أيمن بهجت وهي «ها تعمل إيه» والتي غنتها المطربة شيرين بإحساس شديد وإن كان يؤخذ علي من قام بالمكساج وضع «إفكت» كان سبباً في تغيير صوت شيرين بعض الشيء ولكن جاءت الأغنية في مكانها السليم ضمن أحداث الفيلم وتحدثت بعمق عن العقدة الرئيسية في الحدوتة الدرامية دون تكرار لحدث بعينه.الفرق بين «حلمي» وباقي الممثلين من جيله أنه مقتنع دائماً بأنه ممثل فقط وليس مثل أحدهم الذي يريد أن يكون الممثل والمخرج والسيناريست الوحيد في الفيلم ويقوم بتقصير باقي الأدوار حتي يكون هو صاحب البطولة المطلقة، ولكن حلمي أذكي من ذلك ويحترم زملاءه أيضاً فنجد جميع الأدوار في «آسف علي الإزعاج» مثالية من حيث المساحة والكتابة فنجد بجواره ممثلة متميزة تتجدد وتتطور مع كل دور وتقنعك بأنها لا تمثل، ولكنها تحيا في هذا الدور وهي «منة شلبي» وفي النهاية ذكاء أحمد حلمي كممثل وموهبته واحترامه لجمهوره ولزملائه في إعتقادي هي الأسباب الرئيسية لنجاحه.. فهل يتعلم زملاؤه؟

No comments: