Wednesday, August 6, 2008


"أسف علي الازعاج" هل يعتذر حلمي عن الفن الجميل
06/08/2008
فيلم آسف علي الازعاج إضافة جديدة وممتعة للممثل صاحب الحضور المرح والمبهج أحمد حلمي‏,‏ وخطوة أخري من الاجتهاد لتقديم عمل فني جميل و محترم‏,‏ يحترم الجمهور وفن السينما نفسه وسط عدد كبير من الاعمال الاستهلاكية الضعيفة فنيا‏,‏ لذلك جاء الفيلم لافتا‏,‏ ولاقي ترحيبا جماهيريا‏(‏ الايرادات‏),‏ واستحسان نقدي‏..‏ ولعل الاهمية الحقيقية للفيلم هي في أحمد حلمي نفسه الذي حرص علي تطوير الافلام التي يقدمها‏,‏ ويبحث عن افكار ومعالجات فنية لايتوقعها الجمهور من ممثل خرج من جراب المضحكين الجدد‏,‏ وفي نفس الوقت تكون مبهجة بدرجة كافية‏.‏لايقدم فيلم آسف علي الازعاج فكرة جديدة حيث سرعان ما يقفز لذهن المشاهد ـ بعد استكمال مشاهدة الفيلم ـ الفيلم الامريكي العقل الجميل لراسل كرو حيث تطارد انسان ذكي هلاوس أوهواجس بوجود شخصيات ومواقف غير حقيقية‏,‏ ولكنه يعيشها بكل التفاصيل التي يستمتع ذهنه بأن يعيشها‏!..‏ أنها اشبه بحالة مرضية تعرف في علم النفس بالفصام‏..‏ وتأتي المعالجة مختلفة وجديدة لان الفيلم الامريكي قدم قصة حقيقية لعالم رياضيات واقتصاد ذهب بذكائه المدهش الي جائزة نوبل مباشرة‏,‏ اما هنا فالقصة متخيلة لشاب ذكي لم يستطع ادراك ان الحياة يمكن ان تستمر بعد وفاة والده‏,‏ وفي نفس الوقت يتصور انه مضطهد فلا يجد سوي رئيس الجمهورية شخصيا ليشكو له‏..‏ ايضا الشاب يعاني من فراغ نفسي وعاطفي فيتوهم قصة حب مع فتاة شاهدها في أحد المقاهي وتمني ان تكون فتاته‏,‏ ويتوهم انه يقود موتوسيكل بمهارة لان والدته ـ التي تخاف عليه كثيرا ـ منعته من ذلك‏,‏ ولانه غير اجتماعي فأنه يتوهم أن له صديقا يذهب اليه في المقهي‏(‏محمد شرف في اداء متميز‏)..‏ وهكذا‏.‏نجح السيناريست ايمن بهجت قمر في بناء شخصية حسن‏(‏ احمد حلمي‏)‏ بكثير من الوعي والفهم لطبيعة الشخصية‏,‏ وفي نفس الوقت أقام البناء الدرامي للفيلم ككل من وجهة نظر البطل الذي لا نكتشف أنه مريض الا عندما يكتشف هو نفسه ذلك‏,‏ وهذا منح الفيلم الهاديء الكثير من الاثارة‏,‏ وظل الاستمتاع بالمشاهد والمواقف يصاحبنا طوال الفيلم‏..‏ وكان إخراج خالد مرعي متميز‏,‏ حيث منح احمد حلمي مساحات جيدة للتمثيل دون ان يغفل أن شخصية أخري تطارده بحكم مرضه‏,‏ وجاء ايقاع العمل مريحا وسهلا‏,‏ واستفاد من قدرات ممثلية لاقصي درجة‏,‏ والفيلم كله يخسر الكثير لو لم يكن محمود حميدة‏(‏ الاب الميت‏)‏ هو الذي لعب الدور‏,‏ وتظهر دلال عبد العزيز في أفضل حالاتها‏,‏ أما منة شلبي فهي‏,‏ تبدو مختلفة وجيدة في دور الحبيبة‏,‏ والفتاة المادية المعاصرة وجاء تصوير أحمد يوسف معبرا اضواء وظلال عن المواقف والشخصية الرئيسية في مواقف التخيل‏,‏ والمواقف الحقيقية‏,‏ ووظفت موسيقي عمرو اسماعيل بشكل يمثل اضافة للفيلم‏.‏وبعد‏..‏ مرة أخري أسجل اعجابي باجتهاد احمد حلمي‏,‏ فقد تساءلت بعد فيلم مطب صناعي‏:‏ هل يستطيع احمد حلمي ان يطور نفسه بعد أن حقق النجاح الجماهيري كوميديان يبحث عن افكار جديدة؟‏..‏ ولم يخيب ظني واجاب عن سؤالي في فيلم كده رضا‏,‏ وقلت انه فنان موهوب ونجم مغامر‏!..‏ وها هو في آسف علي الازعاج يؤكد موهبته‏..‏ وما اظن ان حلمي يعتذر في هذا الفيلم للجمهور لانه لم يقدم فيلما كوميديا خالصا‏,‏ وانما الاعتذار كان لنجوم الكوميديا الجدد بانه لن يسير في مواكبهم ولن يحرق نفسه‏,‏ ويفقد احترام وتقدير جمهوره‏.‏تبقي نقطة اخيرة هي ان السينما المصرية خرجت من عقد أو السنوات العشر العجاف لافلام المضحكين الجدد‏.‏ وبدأت مرحلة جديدة يقودها نجمان هما‏:‏ احمد السقا واحمد حلمي‏,‏ والاول اعلن تمرده علي سينما الحركة الفارغة وقدم الجزيرة‏,‏ والثاني تمرد علي الكوميديا الفارغة وقدم آسف علي الازعاج‏...‏ والسينما المصرية سوف ترحب كثيرا باجتهاد النجمين في تحقيق أفلام مختلفة في هذه المرحلة الجديدة‏.‏
المصدر : الاهرام

No comments: