Thursday, July 24, 2008


"أسف على الازعاج" .. فيلم بدون إزعاج
24 /07/2008
الصعود الهادئ.. والبناء ببطء.. والثقة فى كل خطوة.. مفردات شكلت ملامح مشوار النجم الشاب أحمد حلمى الذى بدأ حياته أقل نجومية وحظاً من أبناء جيله ووصل خلال فترة قصيرة إلى واحد من أكثر هؤلاء النجوم نجاحا و تحقيقا للايرادات، وإذا كان حلمى قد أجبر الجميع على الاعتراف بوصوله الى مرحلة النضج الفنى فى فيلمه السابق والرائع »كده رضا« فانه بالفيلم الجديد »آسف للإزعاج« قد أضاف ورقة جديدة فى ملف نجاحه الهادىء.. فيلم حلمى الجديد الذى كتبه أيمن بهجت قمر فى أول تجربة له فى الكتابة السينمائية أضاف الى النجم الشاب وقدمه فى صورة جديدة يقدم فيها حلمى كوميديا راقية بعيدة عن الإسفاف.
السيناريو جاء منسجماً فى سلاسة بفكرة قد لا تكون جديدة فى مضمونها وتدور حول صدمة يتعرض لها الشاب حسن زيدان بسبب وفاة والده فيتخيله دائماً معه يحدثه ويناجيه، ولم يقف أمر الشاب المصدوم عند تخيل الأب وكأنه لا يزال يعيش معه وان تعداه الى تخيلات أخري لعلاقة مع محبوبة، وأوضاع عكسية يتصور من خلالها الناس من حوله تشتمه، وهى فى الحقيقة تمدحه وتتعامل معه بشكل عادى .. الجديد فى الفكرة هو صبها فى سيناريو بارع نجح من خلاله أيمن بهجت قمر فى اخفاء الفكرة حتى نهاية النصف الأول من الفيلم ليفاجىء المشاهد فى بداية النصف الثانى من الفيلم بأن »حسن« مريض نفسيا ووالدته تعرف ذلك، وترفض مواجهته ولأنها تعرف سبب أزمته وهى غياب الأب. الفيلم يعبر عن الفكرة ـ فكرة فقد من نحب ـ بشكل ناعم ويجعل المشاهد يتعايش مع البطل وكأنه يعبر عنه شخصياً فمن منا لم يفقد عزيزاً، وتداخله دائماً خيالات بأن هذا العزيز يعيش بجواره، ويتحدث اليه.
لم ينس كاتب الفيلم أن يغلف فكرته بانسانيات طاغية، وخلفيات سياسية يعيشها البطل، فالأم منعت ابنها من العمل كطيار أو شراء موتوسيكل لأنها تخاف عليه، ولا تريد له أن يكون طياراً مثل والده، فيكتفى حسن من الطيران بأن يعمل مهندسا للطيران على الأرض، ولكنه ليس مهندساً عادياً وانما أراد أن يكون عبقرىاً كما كان والده يحب أن يراه فيفكر فى مشروع لتقليل الاستهلاك الطيران من الوقود، ويحاول أن يقابل رئيس الدولة لعرض المشروع عليه فيذهب الى منزله الرئيسى حاملاً »تورتة« تحمل صورته وصورة الرئيس مبارك فى مشهد جديد على السينما المصرية تتعامل فيه السينما مع الرئيس بالتصريح وليس بالتلميح، ورغم أن إقحام الرئيس قد يكون غير مبرر فإن براعة السينما والرسم المتقن للشخصية جعل وجود مشهد زيارة الرئيس مبررا فالشخصية مضطربة نفسياً، ويتخيل أن رئاسة الجمهورية تطلبه لتحديد موعد لمقابلة الرئيس، ولو كانت الشخصية سوية تماماً لكان لنا حول هذا المشهد كلام آخر.. الإخراج كان متقنا لخالد مرعى تعامل من خلاله مع شخصيات الفيلم بشكل أعطاها حميمية مع المشاهد وجاء أداء محمود حميدة »الأب«، ودلال عبدالعزيز »الأم« رائعاً، ويضيف لرصيد النجوم الكبار الذين يأخذون أماكنهم فى أفلام الجيل الجديد..يضيفون اليها بريقا من خبرتهم الطويلة.. أداء منة شلبى لم يختلف كثيراً عن أدائها أمام أحمد حلمى أيضا فى فيلمه السابق »كده رضا« أما مشاهد أحمد حلمى مع محمد شرف على المقهى فكانت من أجمل المشاهد، وتجعلنا نسأل لماذا لم يلتفت المخرجون لتلك الموهبة »محمد شرف« الذى تنبأ له البعض بالصعود بعد دوره »سامبو« فى مسلسل أرابيسك.
أحمد حلمى تفوق على نفسه فى هذا الفيلم الرائع ونجح أيمن بهجت قمر وخالد مرعى، فى تقديمه بشكل جديد وفى مشاهد كوميدية مبتكرة، وغير متكررة تعتمد على »الافيه« وكوميديا الموقف.. أما الديكور فجاء مناسبا وأحسن صناع الفيلم فى تصوير مشاهد حسن وهو يعمل مهندساً للطيران داخل المطار، وفى ورش وهناجر إصلاح الطائرات الحقيقية.
الموسيقى التصويرية جاءت معبرة، وأغنية شيرين عبدالوهاب فى نهاية الفيلم فى محلها تماما ولخصت أحداث الفيلم، وأزمة البطل بشكل ملىء بالشجن خاصة مع صوت شيرين، وأدائها المعروف.
الخلاصة أن فيلم أحمد حلمى الجديد يثبت أن البعد عن الصراخ، والمشاهد الجنسية، والكوميديا الفجة من الممكن أن يصنع فيلماً جميلاً يستحق المشاهدة.. آسف على الازعاج بالفعل فيلم بلا إزعاج.
المصدر : الوفد - ياسر شورى

No comments: