الغابة .. مأساة أطفال الشوارع بين الواقع و الفيلم
04/06/2008
المصدر: الاهرام - نادر عدلى
لأول وهلة.. يضعنا فيلم الغابة أمام عمل مختلف, يحمل قدرا من الشجاعة والجدية, ويتصدي مخرجه الشاب أحمد عاطف( في ثالث أفلامه)
لموضوع شائك وخطير هو أطفال الشوارع.. والاقتراب من قضية كهذه يحتاج رؤية وحساسية في التعامل معها دراميا, حتي يشعر المشاهد بالتعاطف مع هؤلاء الأطفال, ويدرك مدي خطورة وجودهم علي أرصفة المدينة العاصمة, وحجم مأساتهم كأفراد أو شريحة علي المجتمع نفسه.يستعرض فيلم الغابة حياة مجموعة من أطفال الشوارع من خلال صور وأحداث تكاد تخلو من الدراما, علي أساس أن كل النماذج التي نشاهدها علي الشاشة تمثل حالة درامية في حد ذاتها, فهي في صراع حقيقي مع المجتمع الذي أهملها ولفظها, وجعلها تعيش في الخرابات والأرصفة تتسول وتسرق وتمارس كل الأشياء السيئة تحت أعين الجميع, ولكن لا أحد يريد ان يراهم!!.. وقرر أحمد عاطف والسيناريست ناصر عبد الرحمن ان يلتقطا لهم صورا, وان يصنعا منهم فيلما لنراهم.. ومع ذلك خرجنا من الفيلم دون أن نراهم(!!).جاء اسم الفيلم الغابة ليحيلنا بشكل مباشر الي مجتمع هؤلاء الذي يحكمه الأقوي, وتمارس فيه كل الغرائز ببدائية وقحة, ويعيش علي الفتات وما يتبقي من فضلات المجتمع.. ولكن ظل الفيلم نفسه مطاردا وغير مؤثر في المتفرج لسببين: الأول هو غياب الصدق الفني, والثاني ان القضية قدمت بشكل مبتور, فلم تعتمد بشكل أساسي وحقيقي علي مجتمع هؤلاء الأطفال دراميا, انما تعاملت مع صفحات الحوادث بالجرائد, وأخرجت من حدوتة التوربيني أحد خطوطها الرئيسية, ومن واقعة الضابط الذي ضرب مواطنا علي قفاه وصوره بالموبايل خطا اخر لعلاقة البوليس بهؤلاء( الواقعة الحقيقية لم يكن بطلها من أطفال الشوارع), ومن سرقة الأعضاء حدوتة اخري قدمت في مشهد ضعيف وغير مقنع!... أما بطلتا الفيلم( ريهام عبد الغفور و حنان مطاوع ) فقد استمد الفيلم ملامحهما من الفيلم التسجيلي البنات دول اخراج تهاني راشد, وهو فيلم أكثر واقعية وصدقا وألما أيضا.. وتم تطعيم الفيلم بمشاهد صادمة مثل الاغتصاب, وزنا المحارم, والاعتدء علي براءة الأطفال.. ومشاهد أخري دموية( شديدة الازعاج) مثل شق بطن بنت الشوارع الحامل, أو ضرب التوربيني( باسم سمرة) لفروة رأسه بالموس ليسيل منه الدماء لأنه( مخنوق شوية!).كثير من النيات الحسنة قد تكون وراء تقديم هذا الفيلم, ولكنه عمل غير صادق أوجاد في معالجته, ويفتقد للرؤية.. ومن المهم ان نشير ان تقديم فيلم عن أطفال الشوارع لا يفرض بالضرورة ان يكون قبيحا ومنفرا للمشاهد, وان تميل كل احداثه للعنف.. مع أخطاء أخري مثل ان بنت الشوارع ليست عاهرة محترفة( فهذه مهنة أخري لشريحة من مجتمع اخر) وابن الشوارع لا يرقي لمستوي تاجر المخدرات.. وهكذا.
المصدر : الاهرام - نادر عدلى
المصدر : الاهرام - نادر عدلى
No comments:
Post a Comment