الريس عمر حرب ليس إلها.. بل هكذا سولت له نفسه
18/06/2008
المصدر: الاهرام
أراهن علي أن هناك سؤالا حتميا سيفرض نفسه وبقوة علي كل من يشاهد فيلم الريس عمر حرب, وهو ما الذي يريد أن يقوله الفيلم أو يريد أن يقدمه مخرجه خالد يوسف هذه المرة, فلا هو فيلم يناقش قضية وطنية مثل العاصفة ولا قضية اجتماعية مثل جواز بقرار جمهوري, ولا أخلاقية مثل ويجا وخيانة مشروعة.. والأهم أنه جاء علي نقيض فيلميه السابقين هي فوضي وحين ميسرة اللذين أحدثا ضجة كبري للعبهما علي الجانب السياسي والسباحة ضد التيار الحكومي.. إذن من الممكن أن تقول في نفسك إن خالد يوسف أراد أن يريح المشاهد ونفسه من حمل أعباء إضافية للقضايا التي حملتها أحلامه السابقة فاكتفي بتقديم فيلم ترفيهي عن القمار وما يدور داخل صالاتها, وهو بذلك يلعب علي الجانب الشبابي الذي يعد هو الجمهور الحالي للسينما والذي سيجذبه حتما هذا النوع, ولكن ولأن ليس من طبع خالد يوسف أن يقدم فيلما لمجرد التسلية فقط, وهو الذي تتسم أفلامه بإحداث الجدل, وستجد ذلك بنفسك وأنت تشاهد الفيلم, بل وستكتشف أنك أمام فيلم أراد به مخرجه بجانب مؤلفه وكاتب السيناريو هاني فوزي الخروج بنا من القضايا الراهنة الضيقة إلي العالم كله بمتسع مجالاته فاتخذا من صالة القمار مسرحا للأحداث علي اعتبار أنه مسرح مصغر من الحياة نفسها فلعبا بنا علي القضايا الروحية والفلسفية والعلاقة بين الإنسان وربه, وبين الإنسان والشيطان كل ذلك من خلال الصراع الأبدي بين الخير والشر, وإن كنت أعتقد أن الفيلم ركز بشكل أكبر علي جانب الشر بدليل أن الكازينو نفسه أو نادي القمار ما هو إلا مكان تحتوي فيه كل عناصر الشر وليس الخير طبعا فرواده جميعا ما هم إلا مجموعة من أحط أنواع البشر كما جاء علي لسان بطل الفيلم خالد هاني سلامة أثناء سرده للتعريف بنا بهذا العالم الخفي, وأعتقد أيضا أن خالد يوسف لجأ لهذا الأسلوب السردي ليطلعنا علي هذا العالم الذي بالفعل يجهله العديد منا, فهو رغم أنه جاء في كثير من الأفلام قديمة كانت أو جديدة إلا أنه أبدا لم يتغلغل في هذا العالم مثلما فعل الريس عمر حرب والتي من خلاله تبدأ أحداث الفيلم ويبدأ الصراع ولكنه وكما قلت ليس بين الخير والشر هنا.. بل الشر والشر بدليل أن خالد بطل الفيلم وإن كان التحق بهذا العمل كدبلير مضطرا في البداية كما قال هو بنفسه للزواج من خطيبه وبدلا من إتمام الزواج تركته خطيبته نهائيا لأن فلوسه أصبحت حراما ـ وكذلك فعل والداه فاتبرؤا منه وحتي أصدقاؤه قاطعوه لنفس السبب,ومع كل ذلك استمر في الكازينو صحيح كانت تراوده أحلام مفزعة وكوابيس لعدم رضائه داخليا بما يفعله, ولكن الصحيح أيضا أنه ظل موجودا في هذا المكان وبلا أي دافع إلا دافع الطموح والثراء السريع والوصول إلي المكانة التي وصل إليها الريس عمر حرب خالد صالح صاحب نادي القمار والمهيمن علي كل صغيرة وكبيرة فيه.. وبرغم جبروته وقسوته راح خالد يقلده في كل شيء وفي الحقيقة تنطوي تحت كلمة الريس هذه كل المعاني الفلسفية والرمزية في الفيلم.. وقد ترك لنا صناع الفيلم حرية تفسيرها علي حسب ما يراه المشاهد, فهناك من وجد أنها تنطبق علي كل صاحب عمل مستبد وهناك من وجدها منطبقة علي الشيطان نفسه خاصة أن خالد وصف بها الريس عمر فعلا في أثناء حواره معه وهناك من وجدها منطبقة علي أمريكا وما تفعله بنا, المهم أنه حدث جدل من وراء هذا المعني ومن الفيلم نفسه وهذا طبعا ما أراده أو يريده خالد يوسف وينجح فيه دائما كما نجح أيضا وكعادته في إدارة توجيه الممثل فجاء أداء هاني سلامة هادئا وناضجا عن أفلامه السابقة وحتي ملامح وجهه أصبحت أكثر رجولة ونضجا عن ذي قبل. أما خالد صالح فكان الرجل المناسب للدور المناسب, فالدور كبير رغم صغر حجمه ومؤثر ويحتاج إلي قدرات هائلة لا يقدر عليها سوي خالد صالح,الذي أجاد فيها بتعبيرات وجهه فقط وعينيه التي يخافها ويهابها حتي الكلاب المسعورة, وذكرني ذلك بمارلون براندوفي دون كورنيولي في رائعه الاب الروحي, وإن كان هناك صراع حقيقي في الفيلم بين خالد والريس عمر حرب فإن هناك صراعا آخر كان قائما بين بطلات الفيلم حبيبة سمية الخشاب وزينة غادة عبد الرازق ولكن وللأسف لم يكن في الأداء مثل هاني وخالد وإنما في الإغراء والإثارة الجنسية وعلي هذا الصعيد نجحت الاثنتان بجدارة متساوية.. واتفق مع جميع الآراء التي عارضت المشاهد الجنسية في الفيلم والتي للأسف أصبحت تزيد في أفلام خالد يوسف فيلما بعد آخر وعليه أن ينتبه إلي هذا الرفض فليس من المعقول أنه هو الوحيد الذي يري أنها ضرورية في الأفلام بينما يري الجميع عكس ذلك ولا أدري ما سر تمسك خالد بهذه المشاهد ولا أتفق مع من يري أنه يداعب بها شباك التذاكر وكيف بعد أن أدي بسببها إلي تصنيف فيلمه واقتصاره علي الكبار فقط, وأعلم أن خالد أذكي من أنه يضحي بجماهير عريضة من الأسر المصرية مقابل بعض الشباب مهما كانوا هم جمهور السينما الحاليون إذن فالعملية عند خالد ليس لها علاقة بالإيرادات ولا بشباك التذاكر فهو لا يهتم بذلك بدليل أن أفلامه السابقة كانت مغايرة تماما لما كان سائدا من أفلام كوميدية أو شبابية وقتها.. ويبدو أنها قناعات شخصية لديه وأختلف مع من اختلف علي ما جاء في نهاية الفيلم وانتصار الشر علي الخير حيث استطاع الريس عمر حرب أن يحتفظ بخالد رغم رفض الأخير لهذا العالم ولكنه نجح ليس لأنه الشيطان وقوته أكبر من قوة البشر العادية ولكن لأنها كانت إرادة ورغبة خالد أيضا, وأعتقد أنها نهاية غير تقليدية, ولو كان حدث العكس لكن ضعف الفيلم, فالإنسان ليس ملاكا فكل منا بداخله خير وشر معا. وأعتقد إن ما يفعله الريس عمر حرب هو نفس ما يفعله أي انسان يصل إلي درجة عالية من السطوة والنفوذ فإنه يتحول إلي ديكتاتور متسلط لا يري إلا نفسه ويعتقد أنه امتلك الدنيا والكون ويستطيع أن يستعبد الناس ويصطفي ويختار منهم ما يشاء وينتهي به الحال إلي أنه يتحول إلي إله أو هكذا سولت له نفسه.
أراهن علي أن هناك سؤالا حتميا سيفرض نفسه وبقوة علي كل من يشاهد فيلم الريس عمر حرب, وهو ما الذي يريد أن يقوله الفيلم أو يريد أن يقدمه مخرجه خالد يوسف هذه المرة, فلا هو فيلم يناقش قضية وطنية مثل العاصفة ولا قضية اجتماعية مثل جواز بقرار جمهوري, ولا أخلاقية مثل ويجا وخيانة مشروعة.. والأهم أنه جاء علي نقيض فيلميه السابقين هي فوضي وحين ميسرة اللذين أحدثا ضجة كبري للعبهما علي الجانب السياسي والسباحة ضد التيار الحكومي.. إذن من الممكن أن تقول في نفسك إن خالد يوسف أراد أن يريح المشاهد ونفسه من حمل أعباء إضافية للقضايا التي حملتها أحلامه السابقة فاكتفي بتقديم فيلم ترفيهي عن القمار وما يدور داخل صالاتها, وهو بذلك يلعب علي الجانب الشبابي الذي يعد هو الجمهور الحالي للسينما والذي سيجذبه حتما هذا النوع, ولكن ولأن ليس من طبع خالد يوسف أن يقدم فيلما لمجرد التسلية فقط, وهو الذي تتسم أفلامه بإحداث الجدل, وستجد ذلك بنفسك وأنت تشاهد الفيلم, بل وستكتشف أنك أمام فيلم أراد به مخرجه بجانب مؤلفه وكاتب السيناريو هاني فوزي الخروج بنا من القضايا الراهنة الضيقة إلي العالم كله بمتسع مجالاته فاتخذا من صالة القمار مسرحا للأحداث علي اعتبار أنه مسرح مصغر من الحياة نفسها فلعبا بنا علي القضايا الروحية والفلسفية والعلاقة بين الإنسان وربه, وبين الإنسان والشيطان كل ذلك من خلال الصراع الأبدي بين الخير والشر, وإن كنت أعتقد أن الفيلم ركز بشكل أكبر علي جانب الشر بدليل أن الكازينو نفسه أو نادي القمار ما هو إلا مكان تحتوي فيه كل عناصر الشر وليس الخير طبعا فرواده جميعا ما هم إلا مجموعة من أحط أنواع البشر كما جاء علي لسان بطل الفيلم خالد هاني سلامة أثناء سرده للتعريف بنا بهذا العالم الخفي, وأعتقد أيضا أن خالد يوسف لجأ لهذا الأسلوب السردي ليطلعنا علي هذا العالم الذي بالفعل يجهله العديد منا, فهو رغم أنه جاء في كثير من الأفلام قديمة كانت أو جديدة إلا أنه أبدا لم يتغلغل في هذا العالم مثلما فعل الريس عمر حرب والتي من خلاله تبدأ أحداث الفيلم ويبدأ الصراع ولكنه وكما قلت ليس بين الخير والشر هنا.. بل الشر والشر بدليل أن خالد بطل الفيلم وإن كان التحق بهذا العمل كدبلير مضطرا في البداية كما قال هو بنفسه للزواج من خطيبه وبدلا من إتمام الزواج تركته خطيبته نهائيا لأن فلوسه أصبحت حراما ـ وكذلك فعل والداه فاتبرؤا منه وحتي أصدقاؤه قاطعوه لنفس السبب,ومع كل ذلك استمر في الكازينو صحيح كانت تراوده أحلام مفزعة وكوابيس لعدم رضائه داخليا بما يفعله, ولكن الصحيح أيضا أنه ظل موجودا في هذا المكان وبلا أي دافع إلا دافع الطموح والثراء السريع والوصول إلي المكانة التي وصل إليها الريس عمر حرب خالد صالح صاحب نادي القمار والمهيمن علي كل صغيرة وكبيرة فيه.. وبرغم جبروته وقسوته راح خالد يقلده في كل شيء وفي الحقيقة تنطوي تحت كلمة الريس هذه كل المعاني الفلسفية والرمزية في الفيلم.. وقد ترك لنا صناع الفيلم حرية تفسيرها علي حسب ما يراه المشاهد, فهناك من وجد أنها تنطبق علي كل صاحب عمل مستبد وهناك من وجدها منطبقة علي الشيطان نفسه خاصة أن خالد وصف بها الريس عمر فعلا في أثناء حواره معه وهناك من وجدها منطبقة علي أمريكا وما تفعله بنا, المهم أنه حدث جدل من وراء هذا المعني ومن الفيلم نفسه وهذا طبعا ما أراده أو يريده خالد يوسف وينجح فيه دائما كما نجح أيضا وكعادته في إدارة توجيه الممثل فجاء أداء هاني سلامة هادئا وناضجا عن أفلامه السابقة وحتي ملامح وجهه أصبحت أكثر رجولة ونضجا عن ذي قبل. أما خالد صالح فكان الرجل المناسب للدور المناسب, فالدور كبير رغم صغر حجمه ومؤثر ويحتاج إلي قدرات هائلة لا يقدر عليها سوي خالد صالح,الذي أجاد فيها بتعبيرات وجهه فقط وعينيه التي يخافها ويهابها حتي الكلاب المسعورة, وذكرني ذلك بمارلون براندوفي دون كورنيولي في رائعه الاب الروحي, وإن كان هناك صراع حقيقي في الفيلم بين خالد والريس عمر حرب فإن هناك صراعا آخر كان قائما بين بطلات الفيلم حبيبة سمية الخشاب وزينة غادة عبد الرازق ولكن وللأسف لم يكن في الأداء مثل هاني وخالد وإنما في الإغراء والإثارة الجنسية وعلي هذا الصعيد نجحت الاثنتان بجدارة متساوية.. واتفق مع جميع الآراء التي عارضت المشاهد الجنسية في الفيلم والتي للأسف أصبحت تزيد في أفلام خالد يوسف فيلما بعد آخر وعليه أن ينتبه إلي هذا الرفض فليس من المعقول أنه هو الوحيد الذي يري أنها ضرورية في الأفلام بينما يري الجميع عكس ذلك ولا أدري ما سر تمسك خالد بهذه المشاهد ولا أتفق مع من يري أنه يداعب بها شباك التذاكر وكيف بعد أن أدي بسببها إلي تصنيف فيلمه واقتصاره علي الكبار فقط, وأعلم أن خالد أذكي من أنه يضحي بجماهير عريضة من الأسر المصرية مقابل بعض الشباب مهما كانوا هم جمهور السينما الحاليون إذن فالعملية عند خالد ليس لها علاقة بالإيرادات ولا بشباك التذاكر فهو لا يهتم بذلك بدليل أن أفلامه السابقة كانت مغايرة تماما لما كان سائدا من أفلام كوميدية أو شبابية وقتها.. ويبدو أنها قناعات شخصية لديه وأختلف مع من اختلف علي ما جاء في نهاية الفيلم وانتصار الشر علي الخير حيث استطاع الريس عمر حرب أن يحتفظ بخالد رغم رفض الأخير لهذا العالم ولكنه نجح ليس لأنه الشيطان وقوته أكبر من قوة البشر العادية ولكن لأنها كانت إرادة ورغبة خالد أيضا, وأعتقد أنها نهاية غير تقليدية, ولو كان حدث العكس لكن ضعف الفيلم, فالإنسان ليس ملاكا فكل منا بداخله خير وشر معا. وأعتقد إن ما يفعله الريس عمر حرب هو نفس ما يفعله أي انسان يصل إلي درجة عالية من السطوة والنفوذ فإنه يتحول إلي ديكتاتور متسلط لا يري إلا نفسه ويعتقد أنه امتلك الدنيا والكون ويستطيع أن يستعبد الناس ويصطفي ويختار منهم ما يشاء وينتهي به الحال إلي أنه يتحول إلي إله أو هكذا سولت له نفسه.
No comments:
Post a Comment