وما الدنيا إلا... كباريه
كتب رامى عبدالرازق ١٢/٦/٢٠٠٨
المصدر: جريدة المصرى اليوم
يبدو المشهد الأخير في فيلم «كباريه» كافيا لفهم أسباب عدم جودته، رغم توافر عناصر جيدة كان من الممكن أن تصنع منه فيلمًا قويا ومؤثرًا بعيدًا عن سمعة كاتبه ومخرجه في تقديم أفلام متواضعة فنيا..
هذا المشهد الذي يبدو ذروة الشحنة النفسية والدرامية التي يفترض أن تهز وجدان المتفرج حزنًا علي شخصيات عاش معها طوال الفيلم بينما هي متفحمة.. وبينما الكاميرا لاتزال تستعرضها علي موسيقي تامر كروان المشحونة بالشجن... تبدأ التيترات فجأة في الصعود وكأنها نهاية حلقة من مسلسل.. ساعتها أدركنا أن الكاتب والمخرج تصديا لفكرة أكبر من قدراتهما السينمائية أو أكبر من حجم المجهود الذي بذله كل منهما.
لم يستطع الكاتب أن يحدد هوية فيلمه جيدًا مما جعله يتخبط بين الميلودراما الفاقعة والهزل البهلواني والتراجيديا الكلاسيكية.. في حين تحتاج الفكرة إلي معالجة أقرب للكوميديا السوداء، حيث تلتقي عدة نماذج «إنسانية» في المقام الأول و«مصرية» في المقام الثاني داخل هذا الكباريه لتتعايش وتتصادم وتنفجر في النهاية، لكن المؤلف وضعنا أمام شخصيات عتيقة من متحف ميلودراما حسن الإمام، حيث الفتاة الفقيرة التي ترافق الزبائن في الكباريه لتصرف علي أمها الغلبانة المريضة، والأخري التي تهرب من زوج أمها وحبيبها الذي اعتدي عليها لتجد نفسها علي مائدة في كباريه مع «الخليجي»، والجرسون العجوز الذي يعمل من اجل أبنه الطالب الجامعي ولا يعرف مكانا آخر غير الكباريه.
هذه النماذج لم تعد تترك أثرًا في نفسية المتفرج مثلما كان يحدث منذ نصف قرن.. فنظرة المجتمع لفكرة الانحراف من أجل لقمة العيش أو مستقبل الأبناء تغيرت، وانتهي عصر المومس الفاضلة، لذا كان علي المؤلف أن يجتهد في البحث عن نماذج جديدة من الواقع، وقد قدم بالفعل نموذج المطرب الشعبي «بلعوم» - خالد الصاوي - الذي كان أنضج النماذج..
سواء في علاقته النفعية مع الثرية العربية «أم حبيش» - هالة فاخر - أو في أزمته مع زوجته المحجبة التي تقبل عمله كمطرب، لكنها ترفض أموال «أم حبيش» التي تعتبر أيضًا نموذجًا جديدًا علي السينما المصرية، رغم أنه نموذج واقعي جدًا، وإن كانت هالة فاخر والمخرج أفسدا هذه الشخصية بتحميلها كمًا من الهزل و«الهبل» غير المبرر، وهي الملاحظة نفسها حول شخصية «فؤاد حامد» - صلاح عبدالله - القواد صاحب الكباريه الذي يحمل تناقضًا طريفًا وإنسانيا في الوقت نفسه، إذ يتمسك بمظاهر الدين رغم مهنته الملوثة والمكان القذر الذي يديره،
وقد كان من الممكن أن تصبح تلك الشخصية ثرية جدًا في انفعالاتها ومنطقها المتناقض، لو تخففت من حجم الهزل والإفراط في التأكيد علي أنها شخصية كوميدية، وكان لابد من الاهتمام أكثر بالشخصيات، خاصة أن أحداث الفيلم تدور خلال ٢٤ ساعة، وهي فترة زمنية تحتاج إلي إيقاع بصري وخطة مونتاجية محكمة حتي لا تتكرر المشاهد مثل خناقة «فؤاد حامد» مع أخيه السكير الضائع ماجد الكدواني،
ناهيك عن شخصية محمد اشرف، الذي يبدو خطه الدرامي كشخص منحوس مقحم علي السياق الإيقاعي للفيلم، كذلك شخصية المتطرف فتحي عبدالوهاب الذي يفشل في تفجير نفسه داخل الكباريه، فيغرق في حالة سكر غير مبررة، وكان الأوقع مثلاً أن ينسحب بسرعة بعد أن تأكد من أن الحزام الناسف لا يعمل، أو تستقطبه إحدي الفتيات بحكم شهوته المكبوتة كملتزم.. بدلاً من أن يرتشف رغاوي البيرة دون أن ندري حتي ما الذي دفعه لذلك!
باستثناء عنصر التصوير البطيء الذي يكثف الواقع الداعر للكباريه.. لم ينجح المخرج في تقديم شخصية بصرية مميزة للفيلم، وباستثناء اللقطات المقربة للشخصيات بشكل منفر لم نعرف بالضبط: هل يقصد أن ينفرنا منها أم يجعلنا نتعاطف معها! كذلك أفرد للحوار والثرثرة والأفيهات اللفظية مساحة كبيرة، لأنه من البداية لا يعرف بالضبط هوية الفيلم الذي يقدمه.
المصدر: جريدة المصرى اليوم
يبدو المشهد الأخير في فيلم «كباريه» كافيا لفهم أسباب عدم جودته، رغم توافر عناصر جيدة كان من الممكن أن تصنع منه فيلمًا قويا ومؤثرًا بعيدًا عن سمعة كاتبه ومخرجه في تقديم أفلام متواضعة فنيا..
هذا المشهد الذي يبدو ذروة الشحنة النفسية والدرامية التي يفترض أن تهز وجدان المتفرج حزنًا علي شخصيات عاش معها طوال الفيلم بينما هي متفحمة.. وبينما الكاميرا لاتزال تستعرضها علي موسيقي تامر كروان المشحونة بالشجن... تبدأ التيترات فجأة في الصعود وكأنها نهاية حلقة من مسلسل.. ساعتها أدركنا أن الكاتب والمخرج تصديا لفكرة أكبر من قدراتهما السينمائية أو أكبر من حجم المجهود الذي بذله كل منهما.
لم يستطع الكاتب أن يحدد هوية فيلمه جيدًا مما جعله يتخبط بين الميلودراما الفاقعة والهزل البهلواني والتراجيديا الكلاسيكية.. في حين تحتاج الفكرة إلي معالجة أقرب للكوميديا السوداء، حيث تلتقي عدة نماذج «إنسانية» في المقام الأول و«مصرية» في المقام الثاني داخل هذا الكباريه لتتعايش وتتصادم وتنفجر في النهاية، لكن المؤلف وضعنا أمام شخصيات عتيقة من متحف ميلودراما حسن الإمام، حيث الفتاة الفقيرة التي ترافق الزبائن في الكباريه لتصرف علي أمها الغلبانة المريضة، والأخري التي تهرب من زوج أمها وحبيبها الذي اعتدي عليها لتجد نفسها علي مائدة في كباريه مع «الخليجي»، والجرسون العجوز الذي يعمل من اجل أبنه الطالب الجامعي ولا يعرف مكانا آخر غير الكباريه.
هذه النماذج لم تعد تترك أثرًا في نفسية المتفرج مثلما كان يحدث منذ نصف قرن.. فنظرة المجتمع لفكرة الانحراف من أجل لقمة العيش أو مستقبل الأبناء تغيرت، وانتهي عصر المومس الفاضلة، لذا كان علي المؤلف أن يجتهد في البحث عن نماذج جديدة من الواقع، وقد قدم بالفعل نموذج المطرب الشعبي «بلعوم» - خالد الصاوي - الذي كان أنضج النماذج..
سواء في علاقته النفعية مع الثرية العربية «أم حبيش» - هالة فاخر - أو في أزمته مع زوجته المحجبة التي تقبل عمله كمطرب، لكنها ترفض أموال «أم حبيش» التي تعتبر أيضًا نموذجًا جديدًا علي السينما المصرية، رغم أنه نموذج واقعي جدًا، وإن كانت هالة فاخر والمخرج أفسدا هذه الشخصية بتحميلها كمًا من الهزل و«الهبل» غير المبرر، وهي الملاحظة نفسها حول شخصية «فؤاد حامد» - صلاح عبدالله - القواد صاحب الكباريه الذي يحمل تناقضًا طريفًا وإنسانيا في الوقت نفسه، إذ يتمسك بمظاهر الدين رغم مهنته الملوثة والمكان القذر الذي يديره،
وقد كان من الممكن أن تصبح تلك الشخصية ثرية جدًا في انفعالاتها ومنطقها المتناقض، لو تخففت من حجم الهزل والإفراط في التأكيد علي أنها شخصية كوميدية، وكان لابد من الاهتمام أكثر بالشخصيات، خاصة أن أحداث الفيلم تدور خلال ٢٤ ساعة، وهي فترة زمنية تحتاج إلي إيقاع بصري وخطة مونتاجية محكمة حتي لا تتكرر المشاهد مثل خناقة «فؤاد حامد» مع أخيه السكير الضائع ماجد الكدواني،
ناهيك عن شخصية محمد اشرف، الذي يبدو خطه الدرامي كشخص منحوس مقحم علي السياق الإيقاعي للفيلم، كذلك شخصية المتطرف فتحي عبدالوهاب الذي يفشل في تفجير نفسه داخل الكباريه، فيغرق في حالة سكر غير مبررة، وكان الأوقع مثلاً أن ينسحب بسرعة بعد أن تأكد من أن الحزام الناسف لا يعمل، أو تستقطبه إحدي الفتيات بحكم شهوته المكبوتة كملتزم.. بدلاً من أن يرتشف رغاوي البيرة دون أن ندري حتي ما الذي دفعه لذلك!
باستثناء عنصر التصوير البطيء الذي يكثف الواقع الداعر للكباريه.. لم ينجح المخرج في تقديم شخصية بصرية مميزة للفيلم، وباستثناء اللقطات المقربة للشخصيات بشكل منفر لم نعرف بالضبط: هل يقصد أن ينفرنا منها أم يجعلنا نتعاطف معها! كذلك أفرد للحوار والثرثرة والأفيهات اللفظية مساحة كبيرة، لأنه من البداية لا يعرف بالضبط هوية الفيلم الذي يقدمه.
الإخراج:
سامح عبدالعزيز: فيلم «كباريه» طهرني فنياً
كتب:أحمد الجزار
يعد فيلم «كباريه» خامس أفلام المخرج سامح عبدالعزيز، الذي سبق وقدم «درس خصوصي» و«أحلام الفتي الطائش» و«أسد و٤ قطط» ثم «حسن طيارة».. ويعتبر عبدالعزيز تجربته في «كباريه» هي الأجرأ حتي الآن، والحلم الذي انتظره طويلاً ليعبر عما بداخله من قضايا ومشاكل الطبقة المهمشة في المجتمع، كذلك حالة التناقض التي أصبحت مسيطرة علي غالبية الشعب علي حد قوله وعن تفاصيل هذه التجربة كان لنا معه هذا الحوار.
* هل التجربة جاءت في وقتها بالنسبة لك؟
- بالتأكيد.. وأؤكد لك أنها أنقذتني أيضاً من الدخول في مرحلة اكتئاب من المناخ السينمائي الموجود حالياً، الذي يسير وفقاً لتابوهات مللنا منها جميعاً.
* ولكنك شاركت من قبل في هذا المناخ؟
- لا أنكر ذلك.. ولا أنكر فضل الأعمال السابقة التي قدمتها لأن كل منها قدمني خطوة للأمام، وحاولت خلالها في مشاهد قليلة أن أثبت نفسي كمخرج، لأنها كانت المتاحة بالنسبة لي، ولم أكن أملك وقتها الجرأة اللازمة للتغيير وكنا نسير مع السائد سواء الأعمال الكوميدية أو السينما النظيفة كما يقولون، حتي تعرفت علي السيناريست أحمد عبدالله، واتفقنا علي تقديم فيلم محترم لنخرج من الدائرة التي وضعنا أنفسنا فيها، وحتي نطهر أنفسنا فنياً ونقدم الفن المصري للعالم بشكل محترم وجيد، وأعتبر أنني نجحت مع أحمد عبدالله في أن نقفز من الأتوبيس.
* كيف جاءت الفكرة؟
- كانت موجودة لدينا منذ فترة طويلة لأننا أصبحنا في عالم التناقضات، وقررنا أن نرصد هذه الحالة من خلال الناس الغلابة الذين تبددت أحلامهم، وأصبحنا لا نفرق بين الحلال والحرام، وقد اخترنا الكباريه كموقع للأحداث، لأنه يضم كل فئات الشعب رغم أنني لم أدخل «كباريه» طيلة عمري، وكانت أول تجربة لي داخل الكباريهات أثناء تحضير الفيلم ولا أنكر أنه كان من الممكن أن نستبدل الكباريه بمطار أو غير ذلك، ولكن استقررنا علي الكباريه حتي نوثق دور الكباريه في المجتمع المصري.
* هل واجهت صعوبة في إقناع الممثلين بهذه الأدوار الصغيرة؟
- معظم النجوم الذين عملت معهم في هذا الفيلم لم يتناقشوا معي إطلاقاً في مساحة الأدوار، بل كانوا أكثر جراءة عكس ما توقعت، وعندما رشحتهم لهذه الأدوار كنت أخاطب المحارب الذي بداخل كل منهم، لأنهم أيضاً يبحثون عن التغيير، وأدعي أنني غيرت في شكل معظم هؤلاء الممثلين، وأعترف بأن لديهم طاقات كبيرة لم تخرج حتي الآن بسبب حصرهم في أدوار بعينها، وعلي الجانب الآخر هناك نجوم اعتذروا عن عدم الاشتراك في هذا الفيلم بسبب المساحة أو طبيعة الأدوار وهؤلاء ليست لديهم أي جرأة.
* ولماذا كان تتر الفيلم عبارة عن شخصيات غير واضحة؟
- كان ذلك تصوراً ورصداً لطبيعة الطبقة المطحونة في المجتمع، لأن أصحابها لا يراهم أحد رغم أنهم الغالبية العظمي، ولا يجدون من يعبر عنهم وكأنهم لا وجود لهم، ونحن في هذا الفيلم نرصد حياة المطحونين الذين اضطروا للعمل في الكباريهات لتوفير لقمة العيش، وأؤكد لك أن معظم شخصيات الفيلم حقيقية والواقع أشد من ذلك، لكنه من الصعب أن نرصد كل هذه المشاكل في الفيلم واعترف أن هناك فتيات يأجرن أباء لهن حتي يتزوجن.
* ولكن شخصية صاحب الكباريه جاءت في إطار فانتازيا؟
- هذا حقيقي وكان ذلك مقصوداً كنوع من الكوميديا السوداء وتعد هذه الشخصية هي الوحيدة التي أدخلنا عليها الفانتازيا، لكن القصص الأخري حقيقية وهناك حكايات معروفة مما قمنا برصده.
* ولكن كيف يستمع صاحب الكباريه لموشحات دينية في الوقت الذي يشاهد فيه الراقصات؟
- الشخصية كما قلت تدور في إطار فانتازيا وعندما وضعت الموشحات، كنت حريصاً علي عدم ذكر اسم الرسول الكريم وكان الموشح عبارة عن مديح، وحتي الآن لم يتحدد إذا كانت هذه الموشحات حراماً أم حلالاً.
* وكيف يظهر محمد لطفي بطلاً في حرب أكتوبر ثم يظهر بعد ٣٥ عاماً بنفس الشكل والعمر كبودي جارد في الكباريه؟
- لم نذكر خلال الأحداث أن لطفي كان بطلاً في حرب أكتوبر بالذات، لأن الجيش المصري شارك في العديد من الحروب وقد نعتبر حرب العراق أو غزو الكويت هي المقصودة.
* ألم تشعر أن زيادة شخصيات الفيلم أثرت علي موضوع الفيلم؟
- كان من الممكن أن أقدم هذا الفيلم في أربع ساعات بالإيقاع السريع ولكن الفن تجربة، واعتبر نفسي مازلت في طور التجريب، وكنت أتعامل مع الشخصيات بميزان حساس حتي لا يفقد المشاهد أحد خطوط الفيلم أثناء المشاهدة، واعتمدت أيضاً علي تقطيع المشهد لأكثر من كادر حتي لا يمل المشاهد، وأحياناً استخدمت كاميراتين في التصوير خاصة أن الأحداث بالكامل تدور في ديكور واحد.. وتجاوز مونتاج الفيلم أكثر من شهر، وأؤكد لك أن كل شخصية في الفيلم من الممكن أن تتحمل فيلماً وحدها.
* ولماذا قررت أن توقف الحركة داخل الكباريه في لحظة الحوار بين الإرهابيين؟
- لأنها كانت لحظة حاسمة لكل الموجودين داخل الكباريه وكان لابد أن يكون التركيز واضحاً علي الحوار وقد استغرق هذا المشهد تصويراً لمدة ثلاثة أيام متواصلة، وقام معظم الممثلين بمجهود جبار لأنهم قاموا بالوقوف ثابتين في مواقعهم دون حركة أثناء تصوير هذا المشهد، كذلك استخدمت الجرافيك في المشهد الأخير لصعوبة تفجير الديكور بشكل حي، واكتفينا بالتفجير الحي من الخارج.
* هل تري أن التفجير هو الحل في هذا المجتمع؟
- كان لابد من حدوث صدمة حتي نعيد التفكير مرة أخري في تصرفاتنا، لأننا أصبحنا تائهين لا نعرف الصح من الخطأ وغير قادرين علي التحول بسهولة، وأعترف أن هناك شخصيات يجب ألا تموت ولكن كما قلت الانفجار دعوة لنقف مع أنفسنا ونبعد عن التناقضات التي تحيرنا ونعيد الحسابات في تصرفاتنا قبل أن نتصور الخطأ هو الصح.
* أخيراً هل رسمت طريقك في الفترة المقبلة؟
- كل ما أؤكده لك أنني لن أشارك في أعمال غير راض عنها مرة أخري، حتي لو كلفني ذلك عدم تقديم أفلام مرة أخري، وأعود للعمل في الفيديو كليب أو مونتيرا لأنني بصراحة أريد أن أترك تاريخاً مشرفاً لبناتي، وأؤكد لك أنني أشعر أن فيلم كباريه مولدي الحقيقي لأنني كنت أعمل في أفلامي السابقة مجرد مخرج فقط أنفذ ما هو موجود في الورق، لكن كباريه أول فيلم أضع فيه وجهة نظري.
التأليف
أحمد عبدالله: العرب هم زبائن كل كباريهات مصر.. فأين الإساءة؟
كتب:حمدي دبش
تجربة جديدة ومختلفة عما قدمه من قبل يعود بها السيناريست أحمد عبدالله إلي شاشة السينما من خلال فيلم «كباريه» الذي تخلي فيه عن إفيهاته وشخصيات محمد سعد الضاحكة. أحمد عبدالله يقدم نفسه من جديد، ويشرح دراما الفيلم من خلال هذا الحوار:
* لماذا اتجهت لكتابة فيلم تدور أحداثه بالكامل في «كباريه»؟
- الفكرة جاءتني عندما دخلت أحد الكباريهات، ووجدت أنه يمثل مجتمعنا المصري ولكن في شكل مصغر، تعيش فيه كل الشخصيات المصرية من مختلف الطبقات، وتتجسد فيه علاقاتهم ببعضهم البعض، وهو الصراع نفسه الذي يعيشه الشعب المصري الذي يضم الغني والفقير، القوي والضعيف، الظالم والمظلوم.
* هل تري النهاية التي وضعتها للفيلم، وهي تفجير الكباريه، متوقعة أيضاً للمجتمع المصري؟
- التفجير في مجتمعنا حدث بالفعل، ولكن بشكل معنوي «داخلي»، فهناك الكثير من المصريين حدث داخلهم انفجار بسبب ارتفاع الأسعار وتعسف الدولة معهم، وهذا ما جعلهم تائهين وصامتين.
* كيف تبرر التناقض الذي ظهرت به الشخصية التي أداها صلاح عبدالله، فهو يمارس الفجور وفي الوقت نفسه يستمع إلي القرآن ويؤدي فريضة الحج؟
- التناقض في شخصية صلاح عبدالله في الفيلم موجود في كل المصريين، ولكن بدرجات متفاوتة، فمعظم المصريين يسيرون علي مبدأ «ساعة لربك وساعة لقلبك» ولا أري هذه الشخصية غريبة أو صادمة للمشاهدين، لأننا جميعاً مثل صلاح عبدالله نُصلي ونصوم ونرتكب ذنوباً.
* ما أهمية وجود الشخصية التي أداها محمد شرف في سيناريو الفيلم، خاصة أن لها خطاً درامياً لا علاقة له بـ«الكباريه»؟
- هذه الشخصية لها أهمية من وجهة نظري، لأنه من المفترض أن هذا الشخص يعمل «سايس» في جراج الكباريه، ولكنه تعرض لحادث سيارة أثناء توجهه إلي عمله، وتم قطع ساقه بطريق الخطأ في عملية جراحية أجرتها له ممرضة، ومن خلال ذلك نكشف الإهمال الذي يتعرض له المواطنون الغلابة في وزارة الصحة.
* ألم تخش الهجوم عليك بسبب الصورة السيئة للعرب في الفيلم؟
- كل الكباريهات في مصر مليئة بالعرب سواء سيدات أو رجال، ولا يوجد كباريه يخلو من العرب، وأنا لم أتجن علي أحد، فهم يمارسون كل ما ظهر في الفيلم وأكثر، هذه حقيقة الكل يعلمها والعرب أنفسهم يتفاخرون بذلك، ومسلسل «طاش ما طاش» الشهير أظهر العرب وهم يسهرون في كباريهات مصر ولم يغضبوا من ذلك.
* هل تدخل خالد الصاوي وسليمان عيد في وضع الإفيهات الكوميدية في الفيلم؟
- لم يتدخل أحد بوضع كلمة واحدة في السيناريو.. كله مكتوب حتي الضحكة، وكل الشخصيات مرسومة بعناية، لذلك لو تدخل أحد سيتفكك السيناريو، وهذا علي عكس أفلامي السابقة.
* رغم أن أحداث الفيلم كلها تدور في كباريه إلا أن الحجاب ظهر أكثر من مرة، ما الهدف من ذلك؟
- الحجاب لم يظهر داخل الكباريه فمعظم العاملين فيه زوجاتهم محجبات، هذا لا يتناقض مع عملهم ولا مع الفيلم، لأن ٩٥% من سيدات وفتيات مصر محجبات.
* ألم تكن مبالغاً في تجسيد الخلاف بين مطربي الكباريه «خالد الصاوي وإدوارد» الذي كاد يصل إلي القتل؟
- الصراع بين المطربين الشعبيين موجود في الواقع بصورة أكبر، فكل يوم نسمع عن خلاف بين مطرب وآخر من المشاهير وتصل خلافاتهم إلي السب والقذف في الصحف، فللأسف كل مطرب يعتقد أنه لكي يحافظ علي نجاحه لابد أن يوقف صعود أي مطرب آخر، وأري أن الخلاف بين مطربي فيلم كباريه واقعي لأن كل منهما يريد الحفاظ علي موقعه.
* كثيرون انتقدوا نهاية الفيلم لأنه من الصعب أن يفجر كباريه في عملية إرهابية، لماذا اخترت هذه النهاية؟
- أنا وضعت هذه النهاية لأنني لو أنهيت الفيلم نهاية طبيعية وهي مثلاً القبض علي ممارسي الدعارة في الكباريه والإرهابيين، سيقولون إنني تابع للحكومة وأنا لا أحب هذا التصنيف، ولا يعني ذلك أنني أؤيد الجماعات الإسلامية، لأنني أرفض نهاية المجتمع بهذا الشكل، لكنني لجأت لهذه النهاية لأن شخصيات الفيلم أصلاً فجرت نفسها قبل النهاية باتجاه كل منها إلي الطريق الذي ليس له عودة.
* ما الرسالة التي تُريد توجيهها من خلال الفيلم؟
- رسالتي موجهة إلي الجماعات الإسلامية وهي أنهم يمتلكون معلومات في الدين، لو استخدموها بشكل جيد سيمتلكون الدنيا كلها، وسيحدث تصالح وسلام في العالم كله، أما التخلي عن أسلوب الحوار واللجوء إلي العنف يزيد الأمر سوءاً ويعقد المشاكل ويسيء إلي الإسلام.
التمثيل:
صلاح عبدالله: عشت في شبابي تناقض «فؤاد حامد».. أي صاحب الكباريه الملتزم دينياً
كتب:محسن حسني
الشخصية المتناقضة التي قدمها صلاح عبدالله ضمن أحداث فيلم «كباريه» كانت مثار جدل، وفي الوقت نفسه مثار ضحك، لكن الأمر الذي أكده صلاح، خلال حواره معنا، هو أن تلك الشخصية موجودة بيننا وواقعية، فهناك أصحاب كباريهات يعملون في الدعارة وفي الوقت نفسه يحرصون علي أداء العمرة سنوياً ويمتنعون عن شرب الخمر.
* التناقض في شخصية «فؤاد حامد» اعتبرناه أمراً غريباً لكنك تعتبره واقعياً لماذا؟
ـ لأنني عايشت أشخاصاً علي نفس الشاكلة، وهناك منتجون في الوسط أصحاب كباريهات ولا يشربون الخمر، لكنهم في الوقت نفسه يديرون تلك الأماكن باعتبارها مصدراً للرزق، وهؤلاء الأشخاص لا يشعرون بهذا التناقض، كما أنني في فترة شبابي لمست هذا بنفسي حين كنت أسهر في تلك الأماكن.
* هذا التناقض نتجت عنه كوميديا، فكان المشاهدون يضحكون حين يشرب فؤاد حامد عصائر بمكتبه، في حين أن الكباريه مليء بالخمور، فهل كانت الكوميديا مقصودة؟
ـ بالتأكيد، ونحن حاولنا تقوية تلك الكوميديا عن طريق إغلاقه نوافذ مكتبه وسماعه ابتهالات، وكلها تفاصيل تناقشنا مع المؤلف أحمد عبدالله فيها، وفهمنا منه أن أحد أهداف ذلك التناقض هو الكوميديا.
* كنت قاسياً علي شقيقك الذي فقد ساقه دفاعاً عنك فما سر تلك القسوة؟
ـ شقيق «فؤاد حامد» كان متهوراً وفاسداً ويحب النساء، ووصل به فساده إلي حد إفلاسه وتفكيره في أن يبيع نصيبه في الكباريه للأغراب، لكن فؤاد حامد اشتري منه نصيبه وظل يكرهه بسبب سلوكه المنحرف.
* لماذا قررت طرد البودي جارد من الكباريه بعد معركته مع رجال المعلم «بلدوزر»؟
ـ هذا العالم له منطق قاسٍ لا يعرف الرحمة، فرغم الود الذي كان بينه وبين البودي جارد، إلا أنه قرر طرده بعد أن ضربه رجال المعلم «بلدوزر» لأنه هكذا لم يعد صالحاً لحماية المكان بعد أن انتصر عليه آخرون، كما أن نشاطه الخارجي وعمله في البلطجة كانا سببين لمشاكله بالمكان لذا قررت التخلص منه.
* فؤاد كان يسمح للفتيات بممارسة الدعارة بشرط أن يكون علي علم بها، هل يحدث ذلك في الواقع؟
ـ نعم، فهو لا يعترض لاعتبارات أخلاقية، بل لأنه يعتبر ذلك خيانة للمكان حتي قال لإحداهن: الآن تقبضين بالدولار وزمان كانوا يعملوا عليكي حفلة بعشرة جنيه قديمة، أي أن الكباريه سبب رفع سعرها.
* كيف يتحدث فؤاد حامد بثقافته المتواضعة عن الـ «فيس بوك»؟
ـ الفيس بوك أصبح حديث الجميع، وكل الناس تعرفه بمختلف ثقافاتهم لذا ليس غريباً أن يتحدث عنه صاحب كباريه.
* لماذا غضب فؤاد حامد حين علم أن أخاه ينظر من نافذة الحمام علي نساء الكباريه، ولم يغضب من ممارسة الدعارة؟
ـ لأنه اعتبر ذلك أمراً مهيناً للعائلة، واعتبر هذا أمرا حقيرا لذا هدد أخاه بالطرد لو تكرر منه هذا الفعل، وهؤلاء الناس عموما لهم طريقة تفكير خاصة بهم، فهم لا ينظرون للأمور باعتبارها حلالاً أو حراماً، وإنما بمعايير تتعلق بسمعته كصاحب مكان ولا يليق أن ينظر أخوه علي النساء من الحمام بشكل مهين.
* وضع صورتك علي الأفيش بين ٢٠ صورة أخري للمشاركين بالفيلم هل كان مرضياً بالنسبة لك؟
ـ بالتأكيد، وأنا كنت من أنصار هذا الاتجاه حتي نوضح للجميع أن الفيلم نموذج للبطولة الجماعية، كما طالبت أن توضع الأسماء علي التيتر حسب ظهور كل بطل، وترتب علي هذا أن يكون اسمي آخر الأسماء المكتوبة لكنني أرتضيت ذلك.
* باعتبارك أحد أبطال الفيلم هل تري أن توقيت عرضه مناسب لتحقيق النجاح التجاري المطلوب؟
ـ التوقيت صعب ومعظم الطلبة في ظروف امتحانات، لكن رغم ذلك الفيلم حقق إيرادات معقولة جداً وأعلي من أي فيلم عرض في نفس التوقيت خلال الأعوام الماضية، وهذا يعني تحقيقه نجاحاً كبيراً.
No comments:
Post a Comment