Sunday, December 7, 2008

في السينما المصرية: هذا هو الكباريه .. فأين السياسي؟!
source: masrawy.com

12/7/2008
محمد رفعت - خاص - الكباريه السياسي ..
تعبير مسرحي يطلق على بعض المسرحيات التي تنتقد الاحوال السياسية والاجتماعية، ولو بطريقة غير مباشرة، ومن خلال درجة عالية جدا من السخرية والتجريد.
وقد انتقل هذا التعبير الى السينما، وشاهدنا عددا من الافلام المهمة في تاريخ السينما المصرية، تنتقد الحاكم والمجتمع ، وبعضها تعرض للمنع والمصادرة، والبعض تدخل رؤساء الجمهورية بأنفسهم للتصريح بعرضه، كما فعل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مع فيلم" شئ من الخوف"، وكما فعل مبارك مؤخرا مع فيلم "عمارة يعقوبيان". وقد ظهرت في الفترة الأخيرة مجموعة من الأفلام السياسية أو التي تحاول أن تكون كذلك، وكانت الملاحظة الواضحة أن صناع هذه الأفلام يستسهلون الحكاية ولا يأخذون في الاعتبار أن صناعة فيلم سياسي جيد تحتاج إلى درجة عالية من الحرفية والوعي و إلا أصبح العمل ضحية للفيروسات الثلاثة المدمرة: السطحية والمباشرة والسذاجة والمؤسف أن بعض الأفلام الكوميدية السياسية تضيف إلى هذه المصائب كارثة التفكك الكامل والاقتراب من تعليقات المقاهي والمزج بين الاستظراف والتهريج.
ومفهوم الفيلم السياسي لديَ أوسع بكثير من المفهوم المباشر الذي يقتصر على رصد علاقة المواطن بسلطات الدولة الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية ويمكنك أن تضيف كذلك سلطة الصحافة فهناك أفلام كثيرة ذات طابع سياسي واضح رغم بساطتها وخداع الشكل الذي قدمت به وهي سياسية بامتياز لأنها تروج لفكرة أو معنى أو شعار سياسي.
ولعل أبرز النماذج فيلم "الناصر صلاح الدين" الذي يتكرر وراء بطولات "صلاح الدين الأيوبي" للدفاع عن فكرة القومية العربية ورافع شعارها في الستينيات "جمال عبد الناصر" وفي سبيل ذلك تنقطع الصلة تقريباً مع الحقائق التاريخية ويصبح الحديث على طول الخط عن العرب مع أن صلاح الدين كان كردياً.
ومن النماذج العالمية للفيلم السياسي غير المباشر فيلم "الروس قادمون" الذي يتناول مفارقة وصول سفينة سوفيتية عن طريق الخطأ إلى شواطئ أمريكا ورسالة الفيلم الجيد الواضحة هي أن الأمريكيين يؤمنون بالتعايش السلمي ولكن الروس يمكنهم أن يرتكبوا خطأ يفضي إلى حرب عالمية جديدة.
وصعوبات الفيلم السياسي في الكتابة متعددة وأولها ألا يعلو صوت الفكرة على صوت الدراما وألا يتحول الفيلم إلى مظاهرة كما في فيلم "العاصفة" للمخرج "خالد يوسف" وثانيها تقديم رؤية مختلفة للقضية موضع التعليق بعيداً عن السطحية وإلا انتهى الأمر بمهزلة كما في فيلم "ظاظا" للمخرج "علي عبد الخالق" حيث وصل الاستخفاف إلى حد قيام "ظاظا" (هاني رمزي) بزيارة إحدى الدول لشراء ما يحتاجه الوطن من رءوس نووية !!
وثالثها تحقيق التوازن بين الإسقاط على الواقع والهروب إلى اللامعقول وإلا اختلفت الأمور في ذهن المتفرج وفقد الفيلم بأكمله مصداقيته كما في فيلم "طباخ الرئيس" الذي يسقط فكرته على شخصيات واقعية ولكن بأسلوب لا معقول تمتزج فيه الجرأة بالخوف ورابعها ذكاء كاتب السيناريو في الهروب من المحاذير الرقابية التي ما زالت قائمة والتي تتدخل في حذف عبارة هنا وأخرى هناك في فيلم مثل "هي فوضى" لـ"
يوسف شاهين" و "خالد يوسف" رغم السماح فيه بما هو أخطر وأكثر جرأة.
ولأن المعادلة شديدة الصعوبة فإن نماذج الفيلم السياسي الأقرب إلى النضج في العشرين عاماً الأخيرة على سبيل المثال معدودة وعلى رأس القائمة أعمال الثلاثي "شريف عرفة" مخرجاً " و "وحيد حامد" كاتباً و "عادل إمام" ممثلاً وتتفاوت مستويات هذه الأعمال حيث
تتصدرها أفلام "اللعب مع الكبار" و "الإرهاب والكباب" و "طيور الظلام" وفيها تقال أشياء خطيرة ومهمة عن الفساد وعلاقة المواطن بالحكومة وعلاقة الإرهاب بأنواع الفساد المختلفة ولكن ذلك يتم خلال دراما متماسكة وقوية.
وليس من الضروري أن تكون قد وصلت إلى المشاهد كل المعاني والأفكار ولكن من المؤكد أن المتفرج أحس بأن هذه الأفلام تلامس همومه وتعبر عما يشغله ولكن "وحيد حامد" لم يكن دائماً على هذا المستوى حيث يعلو صوت الفكرة على صوت الدراما كما في مشهد المظاهرة الأخيرة في فيلم "النوم في العسل".
وفي رصيد وحيد أيضاً سيناريو فيلم "عمارة يعقوبيان" للمخرج "مروان حامد" المأخوذ عن رواية "علاء الأسواني" التي تحاول رصد ما حدث من تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية في مصر في السنوات الأخيرة من القرن العشرين.
في مجال الكوميديا السياسية الجيدة لدينا تجارب محدودة للغاية مثل فيلم "جواز بقرار جمهوري" للمخرج "خالد يوسف" وللكاتب "محسن الجلاد" الذي يحذر في مشهد النهاية من خلال أغنية قصيرة من تحول انتظار الناس إلى سراب وتحول شكواهم إلى بركان مدمر وفيلم "السفارة في العمارة" لمؤلفه "يوسف معاطي" ومخرجه "عمرو عرفة" الذي عرض قضية التطبيع مع إسرائيل في قالب ساخر متماسك إلى حد كبير.
و لا ننسى تجارب "محمد أمين" القليلة التي كان أفضلها "فيلم ثقافي" وهذا الفيلم فيه خط سياسي واضح يكاد يربط الكبت الجنسي الذي يعاني منه أبطال العمل بالكبت بمعناه الواسع الذي يعاني منه المجتمع كله ولدى "أمين" تجربة أقل نضجاً وأعلى صوتاً هي فيلم "ليلة سقوط بغداد" الذي سقط في المباشرة رغم جمال فكرته أما "طارق عبد الجليل" صاحب فيلم "عايز حقي" و "ظاظا" فما زالت أفلامه أقرب إلى الاسكتشات المنفصلة و التي تمتزج فيها خفة الظل بالاستظراف الثقيل والتهريج.
ونلاحظ كذلك أن كاتباً مثل "يوسف معاطي" يتألق أحياناً مع الفنان "عادل إمام" حيث يصبح أكثر نضجاً وجرأة في التناول ولكنه يتراجع في مستوى أقل من غيره من النجوم كما الكوميديا السياسية الساذجة "معلهش إحنا بنتبهدل" بطولة "أحمد أدم" وإخراج "شريف مندور" والتي تطالب محمد البرادعي في نهايتها بتفتيش إسرائيل مثلما يقوم بمراقبة الدول العربية بالإضافة إلى ما تيسر من مقالب "القرموطي" المعروفة.
ويمكن رصد تراجع "معاطي" أيضاً في فيلم "طباخ الريس" وهو فيلم ذو رؤية مشوشة وسطحية
.

No comments: