Thursday, December 18, 2008


«الدادة دودي» .. فكرة مستهلكة وشو موجّه للأطفال بلا رؤية سينمائية واضحة ولا حتي كوميدية

المصدر: جريدة الدستور

كتب - إيهاب التركي:
يتمسح فيلم «الدادة دودي» في أجواء العيد ومرحه وضجيجه، وهو ضجيج وصخب يمكن أن يداري كثيراً من عيوبه وأخطائه الفنية، فالفيلم يجمع بين المرح والمفارقات المضحكة التي تنتج عن وجود مربية وستة أطفال أشقياء وأب صارم في منزل واحد، وهي مفارقات هزلية تتخللها الأغاني والرقص والاحتفالات وقليل من الدراما، وتدور أحداث الفيلم الذي كتب علي تيتراته أنه من تأليف «نادر صلاح الدين» حول رضا التي تقوم بدورها ياسمين عبدالعزيز وهي فتاة يتيمة تخرج من الملجأ فلا تجد عملاً سوي السرقة بمساعدة شريكها «محمد شرف» وبعد سرقة مبلغ كبير من فيللا بالإسكندرية
يظنا أن صاحبها مات أثناء اشتباكه معهما يفترقا حتي تهدأ الأمور، فتذهب رضا بالمال المسروق إلي القاهرة لتعمل كمربية لستة أطفال في منزل تكتشف أن صاحبه لواء شرطة، وتقضي رضا حياتها الجديدة وسط مقالب الأطفال الأشقياء، ولكنها تبذل مجهوداً في كسب ثقة الأطفال الذين لم يجدوا بعد وفاة الأم وانشغال الأب وصرامته من يمنحهم الحنان والاهتمام والرعاية، وبعد كثير من المغامرات بين الأطفال ومربيتهم تنجح رضا في كسب حب الأبناء خصوصاً حينما تنجح في حل بعض مشاكلهم في المدرسة دون أن تخبر الأب بها، ولا يوجد جديد في الحدوتة المسروقة كالعادة من عمل أجنبي والتي تعود في الأصل إلي فيلم «صوت الموسيقي» Sound of Music للمخرج روبرت وايز، وتم تقديم أكثر من معالجة مصرية لنفس القصة، منها مسرحية «موسيقي في الحي الشرقي» بطولة سمير غانم وصفاء أبو السعود وهناك معالجة سينمائية كتبها السيد بدير عام 1975 لنفس القصة في فيلم أخرجه حلمي رفلة بعنوان «حب أحلي من حب» بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين، وتأتي معالجة نادر صلاح الدين نسخة شديدة البهتان من الأصل الأجنبي الذي قدمت فيه جولي أندروز واحداً من أجمل أدوارها، وهو ينزع أيضاً الشكل التربوي من جميع الاقتباسات المصرية السابقة ومن الأصل الأجنبي الذي كانت بطلته تستعد لتكون راهبة ولكنها لم تكن واثقة من أن حياة الرهبنة تناسبها، وترسلها الكنيسة لترعي سبعة أبناء لضابط بحري أرمل، وقد استبدلت جميع النسخ المصرية دور الراهبة بدور المربية التي تحب الموسيقي والغناء، والتي تستطيع بأسلوبها اللطيف وأغنياتها الساحرة في كسب ود الأطفال، ولكن سيناريو فيلم «الدادة دودي» يستبدل دور الراهبة أو المربية المحبة للغناء بدور لصة تختبيء في منزل ضابط شرطة، وهذا الأمر يخلق موقفاً أخلاقياً ملتبساً، ويجعل تصرفات المربية اللصة متناقضة للغاية وبالتالي عودة اللصة في النهاية كمربية لنفس المنزل بعد كشف حقيقتها وعفو ضابط الشرطة عنها أمر شديد السذاجة وبعيد تماماً عن التصديق، ومجرد لي ذراع المنطق للخروج بنهاية سعيدة والسلام، ومن الأمور الأخري غير المنطقية قيام اللصة بتنكر متقن للغاية لشخصية الجدة دودي وهي سيدة بدينة عجوز تدعي أنها جدة الأولاد لتذهب لحل مشاكلهم في المدرسة، وهذا الكاراكتر يشبه إلي حد كبير شخصية المربية العجوز التي قدمها الممثل الأمريكي روبن ويليامز في فيلم Mrs. Doubtfire الذي عرض في مصر باسم «مغامرات بابا الشغالة»، ولكن في الفيلم الكوميدي الأجنبي استعان البطل وهو ممثل مغمور بخبير ماكياج وتنكر بينما في «الدادة دودي» قام الأطفال بصنع ملابسالجدة بصورة مرتجلة من ملابس وفرش المنزل ومع ذلك بدت متقنة واحترافية، ويضم الفيلم عدداً من المشاهد غير الملائمة للأطفال رغم أن الفيلم موجه للأطفال ومنها مشهد قيام مجموعة من الأطفال باستئجار عاهرة، ومشهد حسن مصطفي الطويل مع عاهرة أحضرها لمنزله، كما يختلف الفيلم عن جميع المعالجات السابقة في أنه لا يحتوي علي أي قصة حب رومانسية بين البطلة والبطل.تقدم ياسمين عبدالعزيز نفسها كبطلة مطلقة في فيلم خفيف مخلص لقوانين الفيلم التجاري أكثر من إخلاصه لفن الكوميديا، وهو أمر قد يسهل لها تقديم بطولات أخري لاحقاً ولكنه لا يضمن لها الاستمرار في تقديم بطولات عديدة علي نفس المستوي، واذا كانت ياسمين قد نجحت في منح شخصية المربية «رضا» وعلاقتها بالأطفال حيوية خصوصاً علي الشاشة وخفة ظل تناسب جمهور الأطفال، فإن العمل في مجمله مجموعة من اسكتشات التهريج التي لا تحمل كثيراً من الإبداع الفني لفيلم كوميدي، فشخصية رضا تبدو بلا تفاعل في وسط مشاهد مقالب الأطفال المزعجة، ومحاولاتهم المستمرة لتطفيشها كأنها تلعب معهم مستمتعة بالأمر، وكثير من تلك المقالب نفسها مقتبس من عدة أفلام مثل Home Alone وDaddy Day Care دون إبداع خاص.قدم صلاح عبدالله دور الأب لواء الشرطة الصارم بخفة ظل وظهرت حرفيته في أدائه مشهد القبض علي اللصة رضا وتحقيقه معها، كما قدم سامح حسين ومحمد شرف وحسن مصطفي لمحات كوميدية بسيطة في حدود أدوارهم. المخرج علي إدريس قدم عملاً أشبه بشو كوميدي موجّه للأطفال وظهر اهتمامه بأن يؤكد ذلك بتوظيف الموسيقي التصويرية المرحة التي ألفها نبيل علي ماهر وكذلك المؤثرات الصوتية لتشبه أفلام الكرتون، ولكنه اجمالاً لم يقدم عملاً يحمل رؤية كوميدية وسينمائية خاصة
.

No comments: