Saturday, December 13, 2008


«الدادة دودي».. سرقة بغباء ودعوة للانحراف ليس استسهالاً..ولكنه «استغفال»
المصدر: جريدة البديل

13/12/2008
نبيل سمير
كانت قد صرحت «ياسمين عبدالعزيز» في حوارها مع «البديل» قبل عرض فيلمها «الدادة دودي» بأن النقاد لا يعجبهم العجب وكلما نجح فيلم هاجموه وقالوا إنه مسروق من أفلام أجنبية وكأن هدف النقاد ليس التوجيه ورصد الحالة الفنية ولكن التربص والترقب ورفض كل ما هو جيد.بعد مشاهدتي للفيلم سيطر علي شعور واحد وهو أنني «مغفل» لأنني دفعت قيمة تذكرة سينما في فيلم شاهدته أكثر من مرة ولكن بأسلوب أكثر قيمة ودقة سواء علي مستوي الورق المكتوب أو التنفيذ، مع بداية الفيلم تشعر بالفعل أن «ياسمين عبدالعزيز» في حالة رائعة من النضج الفني فقد استطاعت أن تجد أخيراً دوراً قريباً منها إلي حد كبير في ملامحه الكوميدية الخفيفة بالإضافة إلي العبقري «صلاح عبدالله» الذي أجاد في أدائه لدور رجل الشرطة بصورة تعبر بالفعل عن حالة فنية خاصة استطاع أن يحفرها في ذهن الكثيرين وضعته بالفعل في مصاف النجوم، إذن لا تكمن مشكلة الفيلم في الأدا التمثيلي حتي من هؤلاء الأطفال الذين ظهروا بصورة تلقائية بسيطة سوف تثمر في الأيام القادمة عن نجوم علي الطريق.مشكلة الفيلم الحقيقية تكمن في الورق المكتوب فلا أعرف كيف يقبل سيناريست علي نفسه أن يحمل أفيش الفيلم اسمه كمؤلف لفيلم ليس من تأليفه وحتي إن قبل ذلك متخلياً عن أبسط حقوق من سبقوه من أصحاب هذه الفكرة التي تناولها في فيلمه فكيف لمخرج مثل «علي إدريس» أن يقبل ذلك وحتي إن قبل ذلك من منطلق أنه منفذ ليس له علاقة بموضوع الفيلم علي الرغم من أن اختياراته لابد أن تعبر عنه فكيف قبلت «ياسمين» و«صلاح عبدالله» فيلماً مأخوذا بالكامل من فيلم «حب أحلي من الحب» للفنان «محمود ياسين» و«نجلاء فتحي» الذي أخرجه «حلمي رفلة» عام 1975 والمأخوذ بدوره من مسرحية «سمير غانم» مع «صفاء أبوالسعود» و«جورج سيدهم» «موسيقي في الحي الشرقي» المأخوذة أيضاً من الفيلم الأمريكي الشهير الذي حصل مخرجه «روبرت وايز» علي عشر جوائز أوسكار وهو فيلم «The sound of music» أو «صوت الموسيقي» عام 1965 للنجمة «جولي أندروز».في بعض مشاهد الفيلم لا يمكن إلا أن تتذكر «محمود ياسين» بدلاً من «صلاح عبدالله» و«نجلاء فتحي» بدلاً من «ياسمين عبدالعزيز» مع الفارق الكبير طبعاً وحتي لا أتهم بنفس الاتهام الذي وصفت به «ياسمين» النقاد، هناك مشاهد بعينها كما هي بنفس حركات الأطفال بل وربما الجمل الحوارية نفسها وبعض الصور الإخراجية أيضاً كما هي في الفيلم القديم ومنها حركة «الزحلقة» التي فعلها الأطفال في الفيلمين وطريقة وقوف الأطفال أمام والدهم في صف واحد وحين يمشون في طابور، بل ونفس الشدة في التعامل من «صلاح عبدالله» هي نفسها ما فعلها «محمود ياسين» بل وهناك مشهد يدخل فيه «صلاح عبدالله» ليطمئن علي أبنائه بعد نومهم ويغطي منهم من رفع غطاءه هو نفس المشهد بالحرف الواحد في «حب أحلي من الحب».كمية الإسفاف والألفاظ الخارجة في الفيلم تكاد تقترب من اللا حياء فكيف يتصل طفل بفتاة ليل «رقم تليفونها مسجل علي موبايل والده» ويدعو أصدقاءه الصغار علي هذه الحفلة في حين أن أكبرهم لا يتعدي عمره العشر سنوات وحين تأتي هذه «الساقطة» يجتمع حولها عشرون طفلاً يتفرجون علي عريها وميوعتها وهي بدورها لا تمانع من أن تتعامل معهم رغم كونهم أطفالاً وتقول لهم «مين فيكوا ها يبتدي» فينظر الأطفال لبعضهم البعض ولا يعرفون كيف يتصرفون في هذا الموقف الصعب فيسألها الطفل الذي أحضرها باتصال تليفوني «هو بابا كان بيعمل معاكي إيه يا طنط لما بتيجي له البيت» فتبدأ في الملل منهم وتقول لهم «خلصوني بقي يلا أنا مش فضيالكو» وتتذكر فجأة أنهم أطفال وربما لا يحملون أي نقود فتقول لهم «شكلكوا كده مفلسين.. مين فيكوا هايديني الموبايل بتاعه وييجي الأول» فيوافقون جميعاً، هذا المشهد يتفق تماماً مع ما قالته «ياسمين» في حوارها عن أن الفيلم ليس للأطفال ولكن للجميع ولكن مع وجود هذا المشهد فكان لابد من وضع لافتة للكبار فقط علي أفيش الفيلم خاصة مع وجود هذه المشاهد المليئة بالملابس الداخلية الحريمي بطريقة مقززة لا داعي لها علي الإطلاق، فكيف يمكن لأسرة بأطفالها أن تذهب لحضور مثل هذا الفيلم لمجرد أن بطلته هي «ياسمين عبدالعزيز» مع بعض الأطفال.الموسيقي أيضا.. مقتبسة «عفواً مسروقة»، فمعظمها مأخوذ من موسيقي عالمية معروفة لـ «روبرتوبانو» وفرقة «إيرا» وفيلم «إكس فايلز» وبعض «التيمات» العالمية المعروفة، وفي استثمار آخر رخيص تمت الاستعانة بأغنيتين من الأغاني التي تركت بصمة كبيرة لدي الأطفال في الفترة الأخيرة وهما أغنية «شخبط شخابيط» لـ«نانسي عجرم» وتتر مسلسل «يتربي في عزو» ولا أعرف هل حصلت الشركة المنتجة علي تصاريح من مالكي هذه الأغاني أم لا، وتلك قضية أخري.ظهور الفنانة «مني زكي» في الفيلم كضيفة شرف أشعرني بصدمة كبيرة فهل رغبتها في مجاملة صديقتها «ياسمين» هي التي دفعتها إلي قبول هذا المشهد الباهت المحشو ضمن أحداث الفيلم بطريقة مستفزة؟!، وعلي النقيض جاء الفنان «حسن مصطفي» والذي رغم قصر دوره «لا يتعدي جملتين علي الأكثر» إلا أنه أثبت للجميع عمق خبرة السنين من فنان في جملتين.في النهاية ورغم وجود كل نجوم الكوميديا تقريباً في الفيلم مثل يوسف داوود ومحمد شرف وإدوارد والوجه الجديد إيمان سيد بالإضافة إلي بطلي العمل «ياسمين» و«صلاح» ومجموعة الأطفال الرائعة إلا أن الفيلم قد اغتاله السيناريو الركيك بإفيهات «بايخة» معظمها قديم وكان وجود كل هؤلاء الممثلين البارعين في الكوميديا كفيلاً بإنجاحه تماماً لولا هذا الورق المقتبس لـ «نادر صلاح الدين»، ومع نهاية الفيلم شعرت وتأكدت تماماً أن من صنعوا هذا الفيلم لم يستسهلوا في البحث عن فكرة جديدة جيدة ولكنهم يستغفلون «أمثالي من السذج» لمشاهدة فيلم لا يرتقي لمستوي الأطفال بل وربما يدعوهم للانحراف

No comments: