Wednesday, December 17, 2008


رمضان مبروك يرد اعتبار محمد هنيدى
المصدر: روزاليوسف
كتب : طارق مرسي
فى فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» توافر لبطله الكوميديان «محمد هنيدى» مجموعة عوامل لكى يظهر على الشاشة فى أفضل حالاته أولها: جهة إنتاجية تتعامل بسخاء شديد مع أعمالها، ومؤلف متمكن له تجارب شهد لها الجميع ومخرج صاحب رؤية وبصمة تخالف ما هو سائد الآن بأن «التمثيل مسئولية كل ممثل»، مع كل ما سبق لم يكذب هنيدى خبرا ونجح فى عبور النفق الضيق الذى حاصر أعماله السابقة التى أبعدته عن عرشه المفضل كزعيم لـ«المضحكين الجدد»، وبالتالى لقب نجم الإيرادات وهو مبتكره بين أبناء جيله وواضع حجر أساسه الأول. ويبدو أن «هنيدى» على موعد مع التألق عندما يعثر على «الكاركتر» المناسب الذى أفلت منه فى بعض أعماله الأخيرة أقصد هنا «الصعيدى الساذج» و«المدرس الريفى» المتمسك بالتقاليد وأخلاق القرية.. وهذه النماذج هى الأنسب لموهبته وإمكانياته التى لا يختلف عليها أحد. محمد هنيدى هنا أو رمضان مبروك مدرس لغة عربية «عقر» يتمتع بشخصية قوية داخل المدرسة التى تقع فى قرية «ميت بدر حلاوة» وخارجها، لكن فجأة يحضر «نجل» وزير التربية والتعليم فى محاولة لتقويمه بعد انفلات عياره فى مدارس اللغات وانغماسه مع أصدقائه لمطاردة مغنية شابة وأثناء ذهابه إلى القرية بسيارته الفارهة يعترضه فى طريق ضيق الأستاذ رمضان «محمد هنيدى» ويتسبب فى انقلابه بدرجاته فى إحدى الترع، وعندما يكتشف «رمضان» أن الجانى داخل الفصل بمدرسته ينتقم منه بطريقته فيقع زلزال فى المدرسة خوفا من انتقام الوزير، وبينما ينتظر رمضان العقاب الطبيعى لإهانته لابن الوزير يفاجأ أنه يكافئه بانتدابه فى مدرسة ابنه الخاصة فى القاهرة التى يدرس فيها أبناء الوزراء «وزير الداخلية والصحة والبيئة»، وينجح رمضان فى بسط نفوذه عليهم، ولكنه يكتشف أن سر إهمالهم لدراستهم هو مطاردتهم لمغنية مشهورة وغرامهم بها، وعندما يتدخل للفصل بينهم يقع هو فى حبها ويتزوجها، وهنا يجد نفسه فى صدام مع تلاميذه بعد أن خطف فتاة أحلامهم، وأمه الريفية المتمسكة بأصول القرية والتى أخفى عنها أنها مغنية، ويكسب فى النهاية الرهان، رهانه مع أمه بعد انفصاله عن المغنية حيث تصر على ردها لعصمته، وأيضا رد اعتباره مع تلاميذه عقب الحادث الذى تعرضوا له ونجاحهم فى الامتحانات. ذكاء وبراعة المؤلف يوسف معاطى هنا فى أنه قدم خطا كوميديا اعتمد فى الأساس على الموقف لتفجير الضحك حول العلاقة بين المعلم والتلميذ، وفى الوقت نفسه استعرض قضية فى منتهى الخطورة وبحساسية شديدة وهى قضية التعليم وانفلات المعايير التربوية داخل المدارس الخاصة والتدليل الزائد لأبناء المسئولين فيها، وبمهارة الكاتب قدم أبناء وزراء التربية والداخلية والبيئة والصحة وهى وزارات على خط المواجهة دائما، لكن ما يؤخذ عليه ورغم إنصافه لصورة وزير التربية والتعليم وظهورها بشكل إيجابى إلى حد كبير، مشهد تعذيب ابنه فى بداية الفيلم وتعليقه بأحبال داخل الفصل، بشكل مبالغ فيه وكان بإمكانه أن يصل للغرض دون اللجوء إليه خصوصا وأنه اعتمد على هذا المشهد فى ترسيخ قوة شخصية المعلم إلى جانب إهمال قضايا أخطر مثل مافيا الدروس الخصوصية مثلا، ولكنه اكتفى بعلاقة المدرس بالتلميذ والتى وصلت فى الواقع لحد الإنهيار، فى المقابل تشعر أن شخصية مدرس اللغة العربية الريفى هو «الكاركتر» الذى كان يبحث عنه هنيدى، ولهذا تعامل معه باقتناع وحب طوال أحداث الفيلم، ولهذا تألق ويبدو أن مع هذه النماذج تمرح موهبة هنيدى الذى كان بخلاف أفلامه الثلاثة الأخيرة فى أفضل حالاته الكوميدية الكفيلة فى الوقت نفسه برد اعتباره كزعيم لـ«المضحكين الجدد»، خصوصا بعد تخبط البرنامج الكوميدى فى السينما وحالة الإفلاس التى يعانى منها أقرب منافسيه والعبث الذى أصاب البعض الآخر، هنيدى فى «رمضان أبو العلمين» دافع عن نفسه بقوة وعن غيابه موسما كاملا لظروف اضطرارية وأعاد ترتيب أوراقه فى الوقت المناسب مع مؤلف متمكن ومخرج يضبط إيقاعه دائما للأفضل وهو وائل إحسان ويكفى هنا القول بأنه أمام تدفق وبساطة الأحداث لم يلجأ للغناء كما يفعل فى معظم أفلامه رغم إنه فتح الطريق للجميع أن يغنى. من مكاسب الفيلم أيضا عودة ليلى طاهر إلى شاشة السينما بعد غياب غير مبرر فى دور ربما يكون بداية رد اعتبار لها عن الغياب الطويل، أما سيرين عبدالنور فهى تتمتع بوجه مريح وسيكون لها حضور أكثر بالطبع كممثلة أكثر منها مطربة رغم بساطة الأغنية التى قدمتها حيث أنقذتها من فخ تقييمها كمطربة، ومن المكاسب الحقيقية أيضا الشبان الثلاثة أبناء الوزراء المشاغبون فقد كان اختيارهم وموفقا ومقنعا وجاء أداؤهم فى المقابل بنفس الدرجة وهذا يحسب للمخرج وائل إحسان. كما يحسب للرقابة على المصنفات الفنية أنها تعاملت مع موضوع الفيلم وشخصياته بشياكة، فلم يشترط مثلا موافقة الوزراء على وجودهم ضمن الأحداث كما يحدث من قبل أو تطالب بتجهيلها أو حذفها رغم أنها لم تسلم من حشر بعض التفاصيل التى تدخل فى باب الانتقادات الحادة لها.



No comments: